مكة أون لاين - السعودية »المكانة التي يصنعها الإنسان بإخلاصه وخلقه وتواضعه لا يمحوها الزمان ولا المكان، بل تزداد رسوخا مع الأيام«.. هذه الكلمات جاءت على لسان نبيلة المحجوب عضو النادي الأدبي الثقافي بجدة، في وصفها للقديرة فاتنة شاكر صاحبة أول صوت يعبر أثير الإذاعة السعودية التي كانت تبث من عروس البحر الأحمر جدة..جاءت لتدحض ما أسماه البعض تغييبا لقامة إعلامية وثقافية في حجم فاتنة، التي كانت يوما مثالا يُحتذى به من قبل طالبات جامعة الملك عبد العزيز، حينما كانت علما أكاديميا مميزا من أعلامها بسلوكها الحضاري في التعامل مع ذلك الجيل، ناهيك عن حضور يطغى في قاعات الدرس الجامعي، ونقاش تُديره شاكر مع طالباتها، لم يخرج يوما عن النص الأدبي والأخلاقي وما يلزمه من احترام للحرم الجامعي. الأكاديمية التي سكنت أفئدة جيل مضى ولم تمض معه كلمات شاكر؛ التي شكّلت وجدان من تتلمذ على يديها، ناهيك عما رسمته أناملها على شخصيات ذلك الجيل ومن ظل يتابع ويتقصى الأثر الشاكري الذي تمخض عنه «نبت الأرض» و»مرايا»، فيما جاء غياب الفاتنة على مدى أعوام عن الساحة الإعلامية والثقافية ليثير علامة استفهام كبيرة بحجم القامة الشاكرية عن المسؤول عن تغييب فاتنة. وسواء كان غيابا قسريا أو تغييبا متعمدا، يبدو أن رياح فضاء الانترنت أعادت معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي اسم الفاتنة مجددا على استحياء، لتستقبل تلميذاتها ومحبوها تغريداتها الصباحية عبر تويتر، وليرسخ اسمها مجددا في قائمة السيدات الأوائل اللواتي حملن مشاعل النور ليضئن الطريق لمن جاء بعدهن. وفيما اكتفت الفاتنة وعلى مدى سنوات بصمت العلماء، وسط ضجيج إعلامي وتلميع لشخصيات متْعتها حب الظهور بأعمال ليست سوى فقاعات صابون، ذهبت مع أول زخات للمطر، تقول«كان تغيبي عن الساحة مكسبا للإنسان في شخصي، فعكفت على القراءة والتأمل»..بكلماتها هذه اختصرت شاكر فترة الغياب التي قضتها لتخرج بعدها بخلاصة تجربتها الإنسانية في تغريدات هي قناة الوصل بينها وبين جيل شاب يبحث عمن يروي عطشه لمعرفة وتجربة حقيقية. فاتنة شاكر الإعلامية التي لم تكتف بأن تكون صوتا إذاعيا وصاحبة بصمة أكاديمية أغرقت نفسها في مخاض التجارب العلمية، سواء من خلال الدراسات أوالشهادات العلمية التي حصلت عليها، ليس في مجال تخصصها الأكاديمي، وهو علم الاجتماع الذي حصلت فيه على الدكتوراه، بل تجاوزته وتجاوزت معه سنوات كانت في حينها ضوئية، عندما عُينت كأول رئيسة تحرير لمجلة سيدتي السعودية.