الشروق - القاهرة مصريا، لا طائل من وراء انجرار الأصوات والمجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات مجددا إلى تفنيد الادعاء غير الصحيح بغياب تضامنها وتعاطفها مع شهداء الوطن من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين الذين يسقطهم الإجرام الإرهابى، أو إلى التشديد على احترامها لمقتضيات الأمن القومى المصرى وإدراكها لمركزية الدور الذى تضطلع به القوات المسلحة وأجهزة الشرطة فى الحفاظ عليه، أو إلى تبرير التضامن مع الشعب الفلسطينى فى غزة التى تتعرض للعدوان الإسرائيلى وتجهيز قوافل المساعدات الطبية والإنسانية بهدف الإغاثة والمطالبة بوقف العدوان وبفتح معبر رفح والمعابر الأخرى لإنهاء الحصار الظالم. فالأصل هو انتفاء التناقض بين إدانة الإرهاب فى مصر وبين إدانة جرائم الإبادة الإسرائيلية فى غزة، بين الحزن على شهداء الوادى الجديد وبين الحزن على شهداء حى الشجاعية، بين الحداد الشعبى بعد مذبحة الفرافرة وبين تسيير قوافل المساعدات الشعبية إلى غزة، بين الدفاع عن الأمن القومى المصرى وبين العمل على إنهاء عدوان إسرائيل على غزة والمطالبة بإنهاء الحصار، بين تأمين الحدود المصرية وبين فتح معبر رفح وتفعيل الرقابة المصرية الكاملة عليه، لا تناقض بين التضامن مع أهل غزة وهو يقاومون العدوان وبين الدعوة إلى انتفاضة سلمية ثالثة فى كل فلسطين لأن صواريخ الفصائل لن تنقذ فلسطين ولن تأتى بحق تقرير المصير، ولأن حماية أرواح الأطفال والنساء والرجال وحماية الحياة ضرورة مقدمة على كل ما عداها. هذا هو الأصل، أخلاقيا وإنسانيا بل وسياسيا حين يلتزم ممارس السياسة فى مصر بمعايير عقلانية ترفض الصمت عن الإجرام الإرهابى الذى يهاجم المواطن والمجتمع والدولة فى أماكن متعددة. وترفض أيضا التورط فى الصمت عن إجرام إسرائيل، أو السخرية من التضامن مع أهل غزة بقوافل مساعدات وبمؤتمرات علنية هدفها أن لا يختزل ما يصدر عن مصر الشعبية إلى أقوال إعلاميين ومسئولين حزبيين يحيون الإبادة الإسرائيلية ويطالبون جيش «الدفاع» بالمزيد، أو ترويج هستيريا كراهية فلسطين وتجريم المقاومة وتسفيهها دون تمييز واجب بين صواريخ تطلق الآن للدفاع الشرعى عن النفس (وإن بفاعلية محدودة) وبين حتمية تجاوز إطلاق الصواريخ والمواجهات العسكرية (الخاسرة) إلى انتفاضة سلمية ثالثة فى كل فلسطين لها أن تنقذ حق تقرير المصير من حالة الاستباحة والتفريغ من المضمون بعد مرور عقدين على أوسلو دون دولة مستقلة وتراب وطنى متماسك الأوصال. مصريا وعربيا، لا طائل من وراء انجرار الأصوات والمجموعات المدافعة عن الحقوق والحريات إلى الحروب الكلامية المشتعلة بشأن المقاومة الفلسطينية وجدواها أو بشأن ثنائيات الاعتدال التطرف أو السلطة الفصائل. الأولوية اليوم للتضامن مع كل فلسطين، مع انتفاضة سلمية ثالثة، مع إحياء إجراءات المقاطعة الشعبية لإسرائيل اقتصاديا وتجاريا واجتماعيا وأكاديميا وفنيا وثقافيا وكذلك إجراءات الملاحقة القانونية لمجرمى الحرب الإسرائيليين وهى الإجراءات التى تتحرك بسرعة بالغة فى العديد من المجتمعات فى الشرق والغرب والجنوب والشمال وستمثل تضامنا فعالا مع الانتفاضة الثالثة حين تبدأ وقد تلحق بالعدوانية الإسرائيلية الضرر الأكبر.