الاقتصادية - السعودية ما الذي يجعل شابا مؤهلا، يحمل شهادة علمية، في تخصص علمي، يترك كل هذه الأمور ويتجه إلى العراق أو سورية، ليعمد إلى تفخيخ نفسه والانتحار قتلا بزعم القيام بعملية انتحارية، ضد مسلمين سنة؟ هذا السؤال يفضي إلى سؤال أهم: ما الذي يجعل فئات من الناس يمارسون التصفيق لهذا الفعل الانتحاري؟ الأمر يبدو محيرا فعلا. عندما أفتى مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بتحريم العمليات الانتحارية، تداعى بعض العلماء، بعضهم مشهور، إلى انتقاد الفتوى، لكن معظمهم تراجع عن هذا الانتقاد بعد أن اكتشف فداحة هذا الفعل. لقد أصبحت فكرة التفخيخ والتفجير آفة تكتوي بها المجتمعات المسلمة، وضحاياها غالبا من المسلمين. لقد كانت «القاعدة» ومن بعدها «داعش» وسواها تتوكأ على الدين، من أجل تسويغ جرائمها. والشيء المحير أن هناك من يتعاطف مع هؤلاء القتلة، ويتلمس لهم العذر. إن استشراء ظاهرة الموت المجاني، التي سادت العالم العربي، جعلت شابا يأتي من أقاصي إفريقيا، إلى العراق، لينضم إلى عصابة داعش، ويظهر في فيديو على «اليوتيوب» ليتكلم بصلف مهددا نساء الخليج العربي بالسبي. هذا الغبي الجاهل، يتم تصنيعه وبرمجته بحيث يكون مجرد آلة قتل تسمع وتطيع دون أن تعي سوء المصير الذي تعيشه. لقد تحولت ظاهرة الرفض من سلوك ديني إلى سلوك يستحضر دوما شخصيات رموز الرفض في القرن الماضي من أمثال جيفارا وسواه. هذا الرفض يتم تصنيعه وتقديمه للمجتمعات باعتباره حلا وهدفا وغاية. لعل هذا يبرر انتساب مجاهيل من أوروبا وسواها إلى هذا الفكر الانتحاري. إن البحث عن معنى، حتى وإن أخذ شكل انحراف ديني، آفة عالمية. ينبغي أن تسعى مجتمعاتنا إلى تصعيد وإعلاء قيمة التدين الوسطي المعتدل.