الشرق الأوسط اللندنية قبل 1000 يوم كتبت مقالي الأخير في هذه الصحيفة (المقال الأخير.. شكرا ل«الشرق الأوسط») عند مغادرتي لها متّجها للصحيفة الرشيقة «الاقتصادية». وختمت المقال بعبارة: «غادرت (الشرق الأوسط) لكنها لم ولن تغادرني». وها أنا بعد نحو ثلاث سنوات أعود لعشقي الأزلي؛ الخضراء الجميلة. فما الذي سيقوم به رئيس التحرير الجديد لتغيير هذه الصحيفة؟! أظن أن وسائل الإعلام المحترمة، لا تغيّر سياستها بتغيير رئيس تحريرها. المؤسسات العريقة تحتفظ بسياسة ثابتة ورصينة، وصحيفة «الشرق الأوسط» برصانتها المعروفة تناوب عليها رؤساء تحرير، ومرّ عليها العديد من القيادات الصحافية، ومع ذلك استمرت تمضي كالسفينة العملاقة لا يبدو تغيير ربانها على مسيرتها بشكل سريع، يأتي رئيس تحرير ويرحل آخر، والصحيفة الرصينة ثابتة على خطها لا تتلون، ولا تتغير بتغيير من يتولى دفتها. بالطبع لا يمكن أن لا تكون هناك لمسات لرئيس التحرير يلحظها القارئ بين الحين والآخر. «الشرق الأوسط» ستقاتل للعمل وفق شعارها «صحيفة العرب الدولية». ستظل، عبر طبعاتها المتعددة في قارات العالم، صوتا للعرب أينما كانوا. تطرح قضاياهم وتعرض همومهم، ولا تتأخر في إيصال صوتهم، ستكون الصحيفة منفتحة مع الجميع وللجميع ومع كل التيارات والرؤى. لا تزعم الحياد مائة في المائة، ولكنها تلتزم بالمهنية مائة في المائة. لن تتجاهل صوتا أو طرفا أو جهة مهما وأينما كانت، إلا الإرهاب والإرهابيين، فلا مكان للحياد معهم. مع إيماننا أن الصحافة الورقية لا تزال في أوج قوتها وتأثيرها، فإننا نؤمن أيضا أن الصحافة الحقيقية هي التي تتواكب مع متطلبات العصر. لن نغفل أيا من نوافذ التقنية والتكنولوجيا وسنطرقها بقوة لزيادة انتشار الصحيفة، وكما نفرح بقارئ الصحيفة الورقية، سنفرح أيضا مع قارئها على نسخة الآيباد أو الآيفون أو الأندرويد. سنكون أشد فرحا ونحن نصل لقرائنا حول العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما هو ضروري للصحيفة في نهاية اليوم أن تصل لأكبر شريحة ممكنة حول العالم. لا يهم الوسيلة التي تصل بها، المهم أن محتوى «الشرق الأوسط» المتميز، يقرأه الجميع ويصل للجميع. أعتبر نفسي محظوظا بأن أرأس تحرير «الشرق الأوسط»، لا لأنها أكبر صحيفة عربية، ولا لأنها أكثرها تأثيرا، وإنما لأنها تمتلك كوادر وكفاءات مهنية تفخر بهم أي مؤسسة إعلامية في العالم، وبالتالي مهمة رئيس التحرير لن تكون صعبة وهو يملك مثل هذه الكوكبة الإعلامية المميزة. أما على الصعيد الشخصي فأنا محظوظ، لأنني عندما بدأت أولى خطواتي في عالم الصحافة بدأتها في «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» عام 1997 ومنحتني المجموعة كل الاهتمام والتقدير، وتشرفت بالعمل طوال عملي الصحافي داخل مطبوعات المجموعة ولم أغادرها، حتى بلغت رئيس تحرير الشقيقة «الاقتصادية» عام 2011، والآن تشرفني برئاسة تحرير «الشرق الأوسط». بقي أن أشير إلى قصة لا يعرفها إلا القليل. قبل ثماني سنوات، وتحديدا في الخامس من فبراير (شباط) 2006، كنت حينها مراسلا متعاونا مع «الشرق الأوسط» في البحرين. اجتمعت في لندن مع الأمير فيصل بن سلمان، أمير المدينةالمنورة حاليا ورئيس المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق سابقا، قال لي بالحرف الواحد: نحن نهيئ عددا من الشباب لأن يكونوا قياديين في مطبوعات المجموعة. الفرصة متاحة أمامك وبيدك اقتناصها، والكرة في ملعبك وبقدميك تسجل أهدافك. شكرا يا أمير.. سجلت هدفي أخيرا. أهلا ب«الشرق الأوسط».