التحرير - القاهرة لم يَسقط الإرهابى من السماء. هم ينافسون الدولة وأجهزتها الأمنية فى تجارة الخوف. الدولة التى تُدرب شرطتها على إذلال الناس وقهرهم وتصطاد من الشوارع ضحايا ترسم على أجسادهم رسائل بالتعذيب والضرب والسحل... هذه الشرطة لا يمكنها أن توقف الإرهاب... لا يمكنها إلا الانتصار فى جولة كما حدث فى التسعينيات، عندما اتُّخذ قرار القتل خارج القانون، وهنا انتهى جيل من الإرهابيين لكن الإرهاب لم يمُت.. الإرهابى ساكن «قصادك» وربما تكون أنت بعد قليل... لأنه أمام جبروت دولة لا شىء سوى القتل باسم الله... وبعد فشل التنظيمات العنقودية والهرمية، نحن أمام جيل جديد من الإرهاب يعيشون على أطراف المدينة...مجانين يقتلون ببرود.... يتسربون من مناطق لا تصلها سلطة/ نجوع على هامش المدينة المكتظة كعربة روبابيكيا.... يدخنون الحشيش... لكنهم آخر طبعة من الجهاديين... أو الإخوان الجدد الذين اجتذبتهم المظلومية بعد فض رابعة... ليسوا تربية الهيراركية الإخوانية.. ولا يخضعون للهرم المستقر منذ 80 سنة... هم أمراء جماعات الانتقام يتنقلون بين النجوع وبين الجماعات الغاضبة من الدولة.... ليصنعوا دوائر جديدة للجماعة المترهلة... وفى الميكروباصات لا يهتمون بالشكليات القديمة... من الإصرار على القرآن والبسملة والفصحى المفارقة للمجتمع... لا يشبهون القدامى... لكنهم يراعون جمهورا من المصابين فى مستشفيات حرب لا يراها غيرهم... بنايات غير مكتملة تضم مئات جرحى فى عنابر أو مستعمرات تخمر فيها المظلومية عاطفها ورواياتها. لا تليفونات محمولة... فقط إنترنت يتصل بالعالم لتنطلق منه شظايا الرواية التى لا يراجعون فيها خطاياهم...ويبنون فيها نفسيات معادية للمجتمع. ليست الدولة وحدها إذن موطن العداء، ولكنه المجتمع الذى رفض الإسلام حين رفض المرسى والجماعة... وصفق لاعتقال الشاطر وفض رابعة ويطارد الإخوان كلعنة الزمن الشرير. على الضفة الأخرى أو على بعد رحلة ميكروباص مكتظ بنتاج السنين الطويلة، منتجعات يتعلق أصحابها بأمل عودة الجنة الأرضية. بين النجع والمنتجع... تدفع القاهرة فاتورة عصر الانحطاط... ويدور أهلها فى دوامات تشبه الغرق فى ترعة راكدة.... عشنا أيام البدائل المضروبة من الأدوية فى الصيدليات إلى عمر سليمان على كرسى الرئاسة حتى أصبح هناك من يبكى على أيام مبارك، بل ويظهر مبارك نفسه وبصوته يلعب دور الحكيم الناصح... نعم هو نفسه راعى الانحطاط الأول ومدمر حياتنا... وقاتل التعليم والصحة والأمن... يقدم نصائح للمستقبل... قائد عملية التحويل من بلد إلى صحراء.. ومن الأمل إلى الغرق فى رمال متحركة... الآن يظهر وينصح. بالضبط كما يمكن لأى قاتل من جماعات انتظار الخلافة... وكلها خارجة من عباءة مشروع الإخوان بكل ركاكته...ليتحدث لائما عبادة البيادة أو الغرام بالعسكر. انظر أين تقف؟ أى قيم وأفكار تحدد موقعك من العالم؟ ليس بالمعنى القديم الذى كان يقول لك: أصلح من نفسك قبلما تطلب إصلاح النظام. ولكن بمعنى آخر إدراك اكتشاف فى أى مجتمع تعيش؟ عشنا سنوات فى انتظار بركات من القاتل الذى يتحدث باسم السماء، ويوهمنا بأنه يحمل توكيلا من الله يدبج الفتاوى التى توافق عقله أو تصوراته عن العالم السعيد/ وهو ينشر الكآبة كحل بديل عن الحياة المحترمة. ... هل تتصور أنه يمكن عودتنا إلى الكارثة التى عشنا فيها 30 سنة تحت سطوة وسيطرة الإرهاب والفساد؟