مكة أون لاين - السعودية وزعت وزارة التجارة والصناعة الأسبوع الماضي، تعميما على جميع الصيدليات والمحلات التجارية ومنافذ البيع في السعودية، تحدّد فيه أسعار بيع حليب الأطفال بأحجامه المختلفة، وحددت مهلة 15 يوما للتنفيذ والتقيد بهذه الأسعار بما لا يتجاوز 72.5 ريالا للكيلوجرام الواحد، كما حذّرت بأنها ستبدأ حملات تفتيشية ابتداء من ال12 من شهر يونيو الحالي للتأكد من التزام جميع المنافذ بتنفيذ القرار الوزاري، وأنها ستبدأ بتطبيق الغرامات والعقوبات، والرفع للجهات التنفيذية المختصة في حال عدم الالتزام. وفي خطوة استباقية، بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة الاقتصادية أمس الأربعاء، فقد رفع عدد من المحلات والصيدليات أسعار عبوات الحليب لديها بنسب متفاوتة بلغت في غالبيتها 20%، فيما لجأت بعض المحلات الكبرى لإطلاق عروض ترويجية للتخلص من عبوات الحليب المتكدّسة في مخازنها بالأسعار القديمة قبل انتهاء مهلة الوزارة بشأن الالتزام بسقف الأسعار الجديد بعد أيام. الأكيد أن تصرف الصيدليات والمحلات التجارية الحالي شبيه بموقف تجار الأرز والسلع الغذائية المختلفة عندما رفعوا في فبراير الماضي أسعارهم بنسبة 30%، مع توقعات بارتفاعات أخرى في بداية شهر أغسطس المقبل بنسبة 5%، تحت ذريعة وجود مؤثرات خارجية تسببت في هذا الارتفاع، مستغلين الطلب المتزايد على الأرز والسلع الاستهلاكية في السوق المحلية بالتزامن مع شهر رمضان وموسم العيد. الغريب أن المستوردين الرئيسين للأرز وغيره من السلع الاستهلاكية في السعودية لا يتعاملون بعدالة مع الأسعار العالمية، فهم لا يترددون عن رفع أسعارهم عندما ترتفع الأسعار العالمية، ولكن في حال انخفاضها تظل أسعارهم على ما هي عليه، ما يتطلب تدخلا رسميا في ذلك، حفاظا على حقوق المستهلكين. واقع الحال يشير إلى أن وزارة التجارة والصناعة منوطة بمعالجة العديد من الملفات والقضايا المهمة لحياة الناس، وهي تقوم بهذا الدور بشكل بارز وملموس، ولكن فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية إن لم يكن لديها استراتيجية واضحة لشراء هذه السلع، إما عن طريق الخزن الاستراتيجي أو الشراء المستقبلي لكميات تكفي السوق المحلية لعام أو عامين، فإنها لن تتمكن من القضاء على ظاهرة الارتفاعات المتلاحقة للأسعار، وفي كل مرة بمبررات مختلفة. كذلك ينبغي على الوزارة الدفع نحو إنشاء الجمعيات الاستهلاكية، التي أثبتت جدواها في العديد من دول الجوار، دون إهمالها لمراقبة الأسواق والأسعار بشكل دقيق ومكثف، مع تفعيل حقيقي لقواعد تنظيم القطاع التمويني، المشتملة على الإغلاق والغرامة المالية والتشهير كمرحلة أخيرة مع جميع المخالفين بلا استثناء، وبدون ذلك ستظل معاناة الناس مع متطلباتهم المعيشية قائمة ومستمرة.. فهل تشرع وزارة التجارة والصناعة في تقديم حلولها الفاعلة حفاظا على ثبات الأسعار، أم ستترك الأمر رهنا بجشع واستغلال التجار؟ [email protected]