مال - السعودية لاشك أن التبادلات التجارية (إجمالي الصادرات والواردات) بين دول العالم ، تمثل نقطة ارتكاز هامة في طبيعة العلاقات الدولية ورافدا هاما في بناء الاقتصاديات النشطة ، إلا أنه من المعلوم مدى تنافس دول العالم في التسابق على زيادة حصة صادراتها إلى المملكة ، وبناء على المعلومات التي نشرتها مصلحة الجمارك السعودية في موقعها الالكتروني حول حجم واردات المملكة وحجم الغش التجاري من تلك الواردات . فقد بلغ إجمالي السلع الواردة إلى المملكة عام 2013 أكثر من 628 مليار ريال مقارنة ب 589 مليار ريال في 2012 أي بزيادة قدرها 6.7% ، وهذا يعطينا مؤشرا لحجم الواردات الضخمة المتنامية من دول العالم وخاصة من الصين و الولاياتالمتحدة . والجدير بالذكر أن حجم الواردات من الصين في 2012 حقق 74 مليار ريالا ومن المتوقع أن يحقق فوق 80 مليار ريالا في 2013 أي حوالي 12% من إجمالي الواردات على أقل تقدير. وهنا يكمن مدى التحدي الذي تواجهه الجمارك السعودية في التعامل مع النمو في الواردات ، خاصة في موضوع الغش التجاري من دول كثيرة خاصة من الصين ، والذي تحتاج بالتأكيد إلى توسعة عدد موظفي الجمارك في جميع ال 33 منفذا جمركيا (بريا وبحريا وجويا) ، وخاصة في منفذين هامين وهما ميناء جده الاسلامي (62% من الكميات المغشوشة المضبوطة 2012) ومطار الملك عبدالعزيز الدولي (33% من قيمة المواد المغشوشة 2012) ، وأيضا نحن بحاجة إلى زيادة عدد الموظفين والمختبرات في الجهات ذات الصلة كهيئة المواصفات والمقاييس والهيئة العامة للغذاء والدواء وغيرهما . في الحقيقة إن قضية الغش التجاري قضية مؤرقة للإقتصادي السعودي حيث تم ضبط 125 مليون وحدة في 2013 مقارنة مع 54 مليون وحدة في 2012 (بزيادة 129%)، حيث أن أغلب الغش التجاري يأتي من "مخالفة المواصفات والمقاييس" وهنا يأتي دورنا في زيادة وعي تجارنا المحليين في معاييرنا في هذا الموضوع حتى يكون التاجر على حذر عند استيراد البضائع ويحرص على أنها متطابقة مع المواصفات والمقاييس في المملكة ، وبالتأكيد فإن هذه المعايير يجب التنسيق بشأنها مع الجهات الدولية والجهات المصنعة والمصدرة إلينا . وبعد المرور من الخط الدفاعي الأول أي من خلال الجمارك السعودية ، يأتي خط الدفاع الثاني وهو وزارة التجارة بمصادرة المواد المغشوشة داخليا إلا أن ذلك لا يلغي المشكلة طالما هناك تدفق للسلع المغشوشة في السوق ، وللأسف تقوم بعض المصانع الداخلية بتقليد العلامات التجارية أو إعطاء السلعة شكلا ومظهرا لسلعة أصلية أو علامة تجارية وبالتالي ترويجها في السوق كسلع أصلية ، ويأتي بعد ذلك خط الدفاع الثالث وهو البلديات التي تمنح التصاريح لفتح المحلات التجارية والتي من الواجب أن تتأكد من طبيعة السلع المباعة وهل هي محضورة من وزارة التجارة وغير متطابقة مع المواصفات والمقاييس ، هذا قبل أن يغرق السوق بمنتجات مغشوشة ومقلدة وبالتالي سنحمي بذلك التاجر المحلي من خسارة بضاعته . ومهما كانت هناك الكثير من الخطوات والإجراءات وخطوط الدفاع سواء على المستوى الدولي أو على مستوى اقتصادنا المحلي ، يبقى التاجر (الأمين) الذي يستورد ويبيع منتجات مغشوشة هو الداء ، ودواؤه هو بالمستهلك الواعي الذي يفرق بين المنتجات المقلدة والأصلية ، والذي سيشكل ضغطا بعدم شراء المغشوش والمقلد وبالتالي تنظيف الأسواق منها وحمايتها من كميات أخرى قادمة ستستزف دخل المستهلك المحلي البسيط والذي يبحث عن الرخيص . وهنا يأتي دورنا دوليا في التنسيق مع الشركات الأم صاحبة العلامات التجارية أومع الوكلاء المحليين لمراقبة الأسعار حتى يتمكن المستهلك في اقتصادنا المحلي من الحصول على منتجات أصلية جيدة وفي نفس الوقت تعتبر أسعارها مقبولة وفي متناول اليد . والجدير بالذكر إلى أن المواد المغشوشة المستهلكة داخليا تمثل هدرا لدخل المستهلكين المحليين من جهة ، وهدرا لأعمال تجارنا أيضا فعلى سبيل المثال ضبطت الجمارك السعودية 763 مليون في 2012عبارة عن كميات مغشوشة مصدرة إلينا ، وكان من الممكن منع هذا الهدر لتتحول هذه المبالغ إلى بضائع أخرى بديلة ذات جودة عالية وبالتالي ضمان استمرارية أعمال تجارنا وزيادة معدلات التوظيف وبالتالي تخفيض نسبة البطالة في اقتصادنا السعودي . إن الجمارك السعودية تحتاج لتطوير تقنياتها وبرامجها لمساعدتها في ضبط البضائع المقلدة مع ارتفاع حجم الواردات الكبيرة إلى المملكة ، هذا بالإضافة إلى أهمية وجود مراكز بحثية قريبة من المنافذ الجمركية حتى نختصر فترة الفحوصات اللازمة لتحليل العينات وهنا تكمن أهمية تطبيق مشروع "الحكومة الذكية" حتى تتكامل الإجراءات وتتسارع بين الجمارك والجهات المعنية ، هذا بالإضافة إلى أهمية وجود باحثين تجاريين لضمان التعامل مع المخاطر والكشف عن حاجة المستهلك ومدى تقبله للسلع المغشوشة ويفضل أيضا مناقشة قضايا الغش التجاري في المنتديات الإقتصادية تنسيقا مع الغرف التجارية في هذا الخصوص .