عاش تيد تيرنر طفولة قاسية جدا، وكبر وحيدا من غير حب كونه تمرس على السكن في المدارس الداخلية منذ الثالثة من عمره وحتى الثانية عشرة، كما عانى من قسوة والده المصاب باضطراب ثنائي القطب، فكان يتفنن في ضربه لحد استخدام الأسلاك، وإذا بكى يكون العقاب مضاعفا حتى بلغ مرحلة التبلد. في العام 1942 اضطر الأب للالتحاق بالقوات البحرية الأمريكية أثناء معركة بيرل هاربر، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية انتقل مع والده وأسرته إلى مدينة سافانا بولاية جورجيا، وهناك أنشأ الأب شركة صغيرة لبيع لوح الإعلانات أطلق عليها تيرنر للإعلان. مع ازدهار عمل والده نشأت لتيد العديد من الحوادث، مثل ارتياده جامعة براون (دون رغبته) لدراسة إدارة الأعمال، وطرده من الجامعة لخرقه قوانين السكن قبل حصوله على البكالوريوس، وانفصال والدته عن والده، ووفاة شقيقته وهي في الخامسة عشرة. هذه الحوادث أثرت في نفسيته كثيرا، فكان يغرق نفسه في العمل، إلى أن نصبه والده في عام 1960 مساعدا للمدير، وسرعان ما أظهر تفوقا انعكس في زيادة أرباح الشركة للضعف في سنته الأولى. لكن تيد انتكس مجددا بعدما انتحر والده نتيجة مرضه وضغوط العمل والديون التي بدأت تحاصر شركته. عاد تيد وهو في الرابعة والعشرين من عمره ينهك نفسه في العمل مجددا، لينجح في شراء كافة حصص شركة والده ويصبح مالكها ورئيسها التنفيذي بعد سداد ديونها، وتتحول لأكبر شركات بيع اللوح الإعلانية. دخل تيد ثلاث تجارب زواج كلها فشلت لانشغاله الدائم بالعمل، مخلفة له خمسة أبناء. حين لاحظ اتجاه الزبائن لإعلانات الراديو والتلفزيون اشترى 5 إذاعات ودمجها مع شركته وغير اسمها لمجموعة تيرنر للاتصالات، حينها كانت صناعة التلفزيون تسيطر عليها 3 قنوات فقط، وفي المدن الكبيرة. في عام 1960 باع تيد المحطات الإذاعية واشترى محطة تلفزيونية، واستمر يبحث عن اتجاهات النمو ويلاحقها ليحقق نجاحا تلو الآخر إلى أن استطاع أن ينمي قاعدة قنواته الجماهيرية لتبلغ مليوني مشترك، محققة ثروة له 100 مليون دولار في 1980. ثم عزم على خوض مغامرة جديدة بافتتاح قناة إخبارية تعمل على مدار اليوم، وهي الفكرة التي رفضها خبراء الإعلام والاقتصاد، لكنه كان يعلم حاجة الناس للأخبار التلفزيونية، فقدم لهم CNN. وفي عام 1985 بدأت المحطة تكبر وتنجح وتجني العوائد، فأطلق نسختها العالمية والإذاعية، ثم اشترى شركة الترفيه MGM ليحصل على مكتبة أفلامها، وتحقق له 125 مليونا أرباحا، ليصبح الملياردير تيد تيرنر. في أواخر الثمانينات اكتشف تيد أنه مصاب بنفس مرض والده، لكنه لم يهتم سوى بتحقيق النجاح، فسخر جهده لحلمه الأكبر قناة الCNN التي أثبتت نفسها كقوة إعلامية وسياسية عام 1989 عندما غطت أحداث تظاهر مليون شاب صيني في بكين، ومن بعدها خطفت أعين العالم بتغطيتها أحداث غزو صدام حسين للكويت. أنشأ بعدها تيد مجموعة مشاريع إعلامية مثل استديو خاص للرسومات المتحركة، وقناة للأفلام الكلاسيكية، وتعد أبرز إسهاماته عندما رفض الكونجرس تخصيص أموال لدفع مستحقات بلاده للأمم المتحدة والبالغة ملياري دولار، فدفع ذلك العجز من ماله الخاص. يقول: (يجب أن تضع أهدافا أبعد من متناول يديك؛ ليكون لديك دائما شيء تعيش من أجله).