أمير الشرقية يستعرض استراتيجية محمية الملك عبدالعزيز    X تسمح للمحظورين بمشاهدة منشوراتك    أرامكو تربح 307 مليارات ريال في تسعة أشهر رغم انخفاض أسعار النفط    72 ألف عقد تمويلي ب8.8 مليار ريال بنهاية الربع الثالث    فيصل بن عياف: المملكة موطن للمشروعات النوعية    استقبل رئيس" معمار" ومدير فرع التجارة.. الأمير سعود بن نايف يرأس اجتماع تطوير المنطقة    Apple تدخل سوق النظارات الذكية لمنافسة Meta    أول قمر صناعي خشبي ينطلق للفضاء    إلزام TikTok بحماية القاصرين    فالنسيا تعلن فقدان أثر 89 شخصاً بعد الفيضانات في إسبانيا    عملية فرز الأصوات في الانتخابات الأميركية    استهداف التعليم وسيلة إسرائيلية لهدم المجتمع الفلسطيني    الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة عشرة تصل إلى لبنان    القيادة تهنئ رئيسة مولدوفا    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في أبطال الخليج للأندية    في ثالث أيام بطولة نهائيات رابطة محترفات التنس| سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات اليوم تشهد قمةً بين إيغا وجوف    القيادة تهنئ ملك تونغا    محمية الغراميل    مجلس الوزراء يستعرض مسارات التعاون والعمل المشترك مع دول العالم    أستوديوهات الحصن تنافس الشركات الكبرى في العالم    خبراء يؤيدون دراسة الطب باللغة العربية    يا كفيف العين    اللغز    تركي آل الشيخ: قائدنا «الملهم» هو من حثنا لنكون بهذا الشكل الرائع    تأثيرات ومخاطر التدخين على الرؤية    أطباء سعوديون وعالميون يبحثون الأمراض المناعية    العالمي يخزي العين    الجمعية العمومية تعقد اجتماعها عبر الاتصال المرئي وتقرّ الحسابات الختامية للعام الماضي    بلان يعلن غياب بنزيما عن لقاء الاتحاد والعروبة بسبب إصابته العضلية    "فيفا" يكشف عن قواعد بطولة كأس العالم للأندية 2025    أمير المنطقة الشرقية يستقبل سيدات الفكر    بلدية القطيف إطلاق مبادرة تشجير لزراعة اللوز في الحدائق    مستشفى الملك خالد بالخرج ينقذ حياة مواطنة بحالة حرجة عبر مسار الإصابات    إسلام 11 شخصًا في وقت واحد من الجالية الفلبينية بالخبر في جمعية هداية    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر    أمانة منطقة الرياض راعيا رسميا لملتقى بيبان 24    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    محافظ الطائف يناقش مع الجهات الحكومية الجوانب التنمويّة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    اليوم الحاسم.. المخاوف تهيمن على الاقتراعات الأمريكية    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    مسلسل حفريات الشوارع    الاستقلالية المطلقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأم.. الوطن الأول
نشر في أنباؤكم يوم 05 - 04 - 2014


الوطن - السعودية
"العلاقة العاطفية التي تنشأ بين الطفل والأم هي أول علاقة حميمة لأي طفل، وتضع الأسس لجميع العلاقات اللاحقة في حياته، بل تحدد مدى احتمالية نجاح علاقاته المستقبلية وقدرته على التحكم في مشاعره"
هي أول وطن لكل إنسان.. بل هي أقدس الأوطان.. ففيها الزمان والمكان الذي تنفخ فيه الروح، وهكذا رفع قدرها الرحمن وجعلها أعظم هدية للإنسان.. لتجسد أسمى صور الرحمة على مر العصور والأزمان.
أطلق القرآن كلمة الأم على الأصل الطيب والمقدس لكل شيء عظيم، وجعل للأم مكانة لم يجعلها لغيرها فقال "وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا".
قال ابن عطية: ذكر الله الأم في هذه الآية في أربع مراتب، والأب في مرتبة واحدة فقط جمعته مع الأم في قوله: "بوالديه"، ثم ذكر الحمل للأم، ثم الوضع لها، ثم الرضاعة التي عبر عنها بالفصال. وهذا ما أكده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى عندما جاءه رجل يسأله عن أحق الناس بصحبته فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "أمك. قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك".
هل دور الأم الذي أكسبها هذه المكانة -التي لا يصل إليها الأب- يقتصر على كونها الوطن الأول لأي إنسان وعلى مشقة الحمل والوضع والرضاعة؟ أم أن هناك دوراً في التنشئة والتربية للطفل أعظم بكثير من دور الأب؟ إن العلم الحديث والأبحاث والدراسات تجيبنا عن هذا السؤال.
نبدأ بالطفل في رحم الأم، حيث يعدّ عضواً لا يتجزأ منها، وكما أن حالة الأم الجسدية وما تتغذى به يؤثر على الطفل، فإن مشاعر الأم وحالتها النفسية تؤثر كذلك على الجنين، ولذلك ظهر علم يسمى برمجة الجنين جسدياً وعقلياً ونفسياً داخل رحم الأم.
ففي دراسة حديثة أجريت عام 2013 في جامعة غرناطة في إسبانيا، واستغرقت خمسة أعوام على 17 ألف أم و18 ألف طفل عبر أوروبا، فحص فيها الباحثون تأثير التغذية المتوازنة والرضاعة الطبيعية على الأجنة والأطفال حتى التاسعة من العمر، وأثبتت الدراسة بما لا يقبل الشك، أن التغذية للأم أثناء الحمل، وغذاء الطفل في السنوات الأولى من عمره هما من العوامل الرئيسة في برمجة الطفل، ولهما تأثيرات على نمو الجنين وعلى الطفل جسدياً وعقلياً ونفسياً وسلوكياً. كما بينت الدراسة أن مستوى التعليم والحالة الاجتماعية للأم لعبا دوراً مهماً كذلك في برمجة الجنين.
تؤكد الدراسات والأبحاث أن الحالة النفسية للأم الحامل تؤثر تأثيراً مباشراً على الجنين، فالضغوط النفسية والاكتئاب والتوتر والقلق تؤدي إلى إفراز هرمونات التوتر في الأم، وعلى رأسها هرمون الكورتيزول الذي يستطيع أن يصل إلى الجنين عبر المشيمة عندما تزداد كميته في الدم، وهذا يفسر زيادة حركة الجنين عند توتر الأم، وعند وصول الكورتيزول للجنين يؤثر في عملية تشكيل الدماغ ويحدث تغييرات في طريقة تكوينه تجعل الطفل مُهيأً للتوتر والقلق والمشاكل السلوكية والنفسية عندما يكبر، واستطاعت دراسات عديدة أن تؤكد أن هذه التغيرات استمرت في مرحلة الطفولة وحتى سن البلوغ.
كذلك تقوم هرمونات التوتر بالتأثير على كمية الدم والأكسجين والغذاء التي تصل إلى الجنين، مما يؤدي إلى مضاعفات تصل إلى التشوهات الخلقية أو مشاكل في النمو أو الولادة المبكرة، وتستمر هذه التأثيرات مدى الحياة.
وقد أكدت دراسة حديثة أجريت في جامعة سنغافورة ونشرت في مجلة الطب النفسي البيولوجي، وجود تغيرات واضحة في منطقة مهمة في الدماغ تسمى "الأميجدلا" عند الأطفال الذين ولدوا من أمهات كن يعانين من الاكتئاب. والتغيرات في "الأميجدلا" تؤدي إلى تغيرات في التصرف والسلوك، كما أنها تؤدي إلى الأرق والتوتر، ويؤكد باحثون في جامعة كولورادو أن هناك علاقة واضحة بين التغيرات التي تحدث في "الأميجدلا" وحدة الاكتئاب.
إن العلاقة العاطفية التي تنشأ بين الطفل والأم هي أول علاقة حميمة لأي طفل، وتضع الأسس لجميع العلاقات اللاحقة في حياته، بل تحدد مدى احتمالية نجاح علاقاته المستقبلية وقدرته على التحكم في مشاعره وعواطفه، فعقل الطفل أشبه ما يكون بالأسفنجة تمتص كل شيء من حولها، وكل حركة من حركات الأم هي بمثابة رسالة للطفل.. تغييرات الوجه، لغة الجسد والكلمات، كلها رسائل للطفل تساعد على تشكيل عقله وتكوين سلوكه.
إن الأم التي ترفض قراءة قصة لطفلها قبل النوم لانشغالها إنما ترسل بذلك رسالة له أنه ليس أهم شيء في حياتها، بل هناك أشياء أخرى أهم منه، ومجموع هذه الرسائل يؤسس القاعدة التي تنطلق منها رؤية الطفل لنفسه وثقته بها، فهو يرى نفسه من خلال نظرة أمه له، والنضوج العاطفي والنفسي للطفل سيوفر له فرصة النمو والتطور السليم الصحيح في كل مجالات الحياة، حيث تؤكد الدراسات أن الأطفال المستقرين عاطفياً والناضجين اجتماعياً يحققون تفوقاً أكاديمياً على أقرانهم الأقل حظاً في مناخ يعينهم على النضوج.
توالت الدراسات والأبحاث التي تبحث تأثير علاقة الأم بالطفل في سنواته الأولى على بناء شخصيته وسلوكه وتطوير قدراته العقلية والنفسية، وجاءت نظرية "علاقة الارتباط"، ومن رواد هذا العلم طبيب النفس البريطاني جون بولبي وعالمة النفس الأميركية ماري آينسورت، واكتسبت نظرية علاقة الارتباط قوتها ومصداقيتها من خلال الأبحاث العلمية العديدة واستخدام تقنيات تصوير الدماغ الحديثة.
وكذلك نظرية حساسية الأم، وهي قدرتها على مراقبة الطفل مراقبة دائمة وملاحظة حركاته وتغيراته وفهم تلميحاته، وترجمة هذه الحركات والإشارات بدقة والاستجابة لها بطريقة مناسبة وملائمة والتواصل معه بطريقة يفهمها والتفاعل معه تفاعلاً إيجابياً متبادلاً.
وتؤكد الدراسات أن علاقة الطفل بالأم في السنوات الأولى تشكل طبيعة العلاقات المستقبلية للطفل طوال حياته، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فهي تهدم أو تبني قدرته على التركيز وتؤثر على مدى وعيه وإدراكه لمشاعره وأحاسيسه وقدرته على التعامل مع الصعاب والمحن والمصائب والشدائد وسرعة وقوفه بعد السقوط واحترامه وحبه لذاته وتوقعاته من نفسه ومن الآخرين وقدرته على جذب الآخرين إليه وبناء صداقات متزنة وعلاقات صحيحة سليمة مع الآخرين.
فالأم التي تحظى بقسط وافر من الذكاء العاطفي والقدرة على قراءة طفلها والاستجابة له تخلق في الطفل الإحساس بالأمان والثقة، بل وأثبتت الدراسات أن ذلك يزرع في الطفل الإحساس بالتعاطف مع الغير ويجعله قادراً في المستقبل على العطاء.
وقد وجد أنه كلما ازدادت حساسية الأم وقدرتها على فهم طفلها وتجاوبها مع احتياجاته، ارتفعت نسبة الإنجاز الدراسي والأكاديمي عند الطفل، ممثلة في درجات أعلى في اللغة والرياضيات، بل وساعد ذلك على تطور قدرته في القراءة الرمزية والقدرات العقلية والفكرية بشكل عام والتحكم في العواطف والمشاعر.
وسنتعرض في مقال قادم إن شاء الله، إلى الأم قبل أن تكون أماً، حين كانت طفلة ثم فتاة ثم امرأة، وهل حظيت بما تستحقه خلال هذه المراحل لتكون أماً في المستقبل؟ وهل نالت مكانتها التي ضمنها لها الشرع وأكدها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقوله "إنما النساء شقائق الرجال"؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.