الجزيرة - السعودية يخلط الكثير من الناس بين الأمر الملكي والمرسوم الملكي والتوجيه الملكي والأمر السامي وقرار مجلس الوزراء، وهي ما نطلق عليها في علم القانون الدستوري بمسمى (الأدوات التنظيمية للإرادة الملكية). بل إن هناك من يعتقد أنه لا ثمة فرق بين قرارات الملك وأعني تحديداً الأمر الملكي والمرسوم الملكي والتوجيه الملكي والأمر السامي، أو أن هذه المسميات أو بعضها تؤدي لنفس المعنى ولا مشاحة في الاصطلاح، وهذا خطأ شائع، فهذه الأدوات تختلف باختلاف مسمياتها، بل وتختلف كذلك حجيّتها القانونية إذ ليست على قدرٍ متساوٍ من القوة. فالأمر الملكي هو أقوى وأسمى هذه الأدوات التنظيمية في المملكة العربية السعودية على الإطلاق، إذ يمثّل الإرادة الملكية الكريمة بصورة مباشرة، وهو قرار مكتوب بطريقة محددة يحمل توقيع الملك بصفته رئيساً للدولة في موضوعٍ لم يُعرض على مجلسي الوزراء والشورى، وهذا أهم ما يميّز هذه الأداة عن غيرها من الأدوات، ومن الأمثلة على ذلك تعيين أمراء المناطق والوزراء ونواب الوزراء والمرتبة الممتازة والقضاة وكبار القادة العسكريين، وكذلك إصدار الأنظمة الأساسية كنظام المناطق ونظام هيئة البيعة، وغيرها. أما المرسوم الملكي فهو قرار مكتوب بشكل محدد ويحمل توقيع الملك بوصفه رئيساً للدولة في موضوع سبق بحثه في مجلسي الوزراء والشورى، أو في مجلس الوزراء فقط، وتمت الموافقة عليه، كالموافقة على بعض الأنظمة والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وغيرها. والتوجيه الملكي هو توجيه من الملك يُصدره بصفته رئيساً للدولة لمتابعة أمر معين، وليس له شكل محدد، وغالباً ما يكون هذا التوجيه شفاهةً، إلا أنه يجب أن يتم تبليغه للجهة المختصة كتابةً عن طريق الديوان الملكي. وفيما يتعلق بالأمر السامي فهو قرار مكتوب يُوقعه الملك بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، وقد يصدر من النائب الأول أو النائب الثاني باعتبارهم نواباً لرئيس مجلس الوزراء، والأمر السامي ليس له شكل محدد، وغالباً ما يتعلق بتوجيه السياسة العامة للدولة، وبما يحقق مصالح المواطنين، ويضمن تسيير مختلف الأجهزة الحكومية. أما قرارات مجلس الوزراء فهي قرارات مكتوبة صادرة عن مجلس الوزراء تحمل توقيع رئيس المجلس أو نائبه الأول أو الثاني بوصفهم نواباً لرئيس مجلس الوزراء، إلا أن هذه القرارات لا تعتبر نهائية إلا بعد موافقة الملك عليها، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في المادة السادسة من نظام الخدمة المدنية التي أوضحت أن تعيينات كبار موظفي الدولة بالمرتبة الرابعة عشرة والخامسة عشرة تكون بموافقة من مجلس الوزراء وبقرار منه. ولعله من نافلة القول أن أشير إلى أنه لا توجد حتى الآن نصوص نظامية مكتوبة لتنظيم هذه القرارات والأدوات التنظيمية وتبيان معانيها والفروقات بينها بتفصيلٍ ودقة، حيث إن التوضيح المتواجد حالياً في الكتب والمراجع العلمية عائد إلى (العرف الدستوري)، ولذا أجدها فرصة سانحة لأن يمتد صوتي إلى مقام السلطة التنظيمية متمثلةً بالديوان الملكي وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء لإصدار نظام يتعلق بهذا الجانب، وهو أمر نشعر كأكاديميين متخصصين بالقانون بأهميته عند تدريس مقرر القانون الدستوري.