الحياة - السعودية لا يكاد يخلو بيت سعودي من ابتلاء المساهمات المتعثرة، فالكل يذكر حمىّ المساهمات، وكيف استشرفت لها كل من ادخر قرشين من كدّ الجبين، ولم تُعد دراسات الجدوى هي العامل المؤثر في القرارات الاستثمارية، بل التجربة والمحاولة، وتغني عن التجربة الشخصية تجربة الجار في مساهمته مع فلان، أو تجربة زميل العمل أو جليس الاستراحة، المهم أن هناك أرباحاً توزع، ولا يهم المساهم كيف نشأت تلك الأرباح أو التاريخ التجاري لصاحب المساهمة. وبعد أن انفجرت الفقاعة في وجه الجميع، واستشعر الكل آثارها الاقتصادية والاجتماعية، ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، وبدأ الكل يبحث عن جواب السؤال البسيط المعقد: من هو المتسبب في هذه الكارثة؟ في رأيي أن توجيه الملامة لطرف واحد لا يؤدي إلى الحل، فالأخطاء اشترك فيها صاحب المساهمة حسن النية منهم وسيئها، بمعونة بعض المساهمين الذين تخدعهم وعود الإعلانات وجاذبية المكاتب الفخمة، مع بيروقراطية تتمتع بها أجهزة الدولة. نحن الآن في مرحلة الجراحة لعلاج المشكلة، وتستخدم فيها أدوات استثنائية تحللت فيها لجنة المساهمات من الضمانات التي يوفرها القضاء بأنظمته، وعليه فلا يناسب مطلقاً أن تكون لها صفة الديمومة. المساهمات نوع من أنواع الشراكة التي لا يقوم اقتصاد من دونها، ومحاربتها بإطلاق أو تعقيد إجراءاتها مضرّ كضرر غياب الرقابة عليها، والوقاية من عودة أمراض المساهمات السابقة تتمحور في ضمان الإفصاح والشفافية من دون التدخل في السلطة التقديرية لصاحب المساهمة في سلطة الإدارة التي فوضها له المساهمون. لن نجني خيراً من قرارات ردود الأفعال، وهي أضرُّ ما تكون عندما تستقر في مواد نظامية يصعب تعديلها في المنظور القريب. * القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]