الاقتصادية - السعودية عند الحديث عن موضوع المسؤولية الاجتماعية للشركات، أو مساهمة الشركات في تحقيق الاستدامة وهو مصطلح رديف في أدبيات هذا العلم، فإن الكاتب ليس بإمكانه أن يتجاوز الخبرة المتراكمة من الدول الغربية والتي نشأت فيها المدرسة الحديثة للمسؤولية الاجتماعية للشركات CSR. هذه المدرسة تأثرت كثيرا بقضايا الديمقراطية ومشاركة الرأي العام في صنع السياسات وتوجيه الأعمال. وهذا ما حدا بمصطلح مثل المسؤولية الاجتماعية لينمو بشكل مميز. التعليم ووجود قيادة بديلة لدى الشركات أوجد حسا مجتمعيا يركز علي تحقيق الموازنة بين الأهداف الخاصة للمشاريع وبين الأهداف التنموية المستديمة للمجتمع المحيط. على الرغم من أن المسؤولية الاجتماعية قد واجهت في بداياتها صراعا مريرا من قبل أصحاب المشاريع والمفكرين الذين يتبعون لهذه الطبقة. في سبعينيات القرن الماضي، كتب الخبير الاقتصادي وحائز جائزة نوبل ميلتون فريدمانMilton Friedman مقالا لمجلة "نيويورك تايمز" عنونه ب "المسؤولية الاجتماعية للمشاريع لزيادة ربحية الشركات"، وأشار في مقاله إلى أن برامج المسؤولية الاجتماعية لا تعدو كونها نوعا من النفاق تلبسه الشركات للظهور بمظهر أجملbusiness.time.com. أعتقد أن ما أشار إليه الكاتب كان حقيقة في بدايات ظهور وتوظيف الشركات لهذا المفهوم. والدليل أن كثيرا من الشركات أسندت مهام CSR إلى أقسام العلاقات العامة، أو أقسام التسويق، وهذا ما نعانيه في دول العالم النامي في هذا الوقت. ظهور أي فكرة أو ممارسة جديدة لابد لها من مواجهة نقد حاد من المستفيدين من الوضع الراهن، إضافة إلى محاربي التغيير وهذه طبيعة بشرية دائمة، جهل بالمستقبل يتسبب في حدوث مقاومة عنيفة لأفكار وممارسات لا يعي دورها كثير من ممارسي العمل. هذه الممارسات بالتأكيد تتغير بوجود جيل ناشئ ومتعلم، يسعى للتغير وإضافة المزيد من عوامل النجاح المحتملة. الجيل القادم من قادة الشركات يأخذ بيده عوامل تقديم المسؤولية الاجتماعية للشركات كخيار استراتيجي للنجاح. وهذا ما يتضح من نتائج دراسة قدمتها Net Impact وجدت أن 65 في المائة من خريجي الأعمال الإدارية يتبنون فكرة إحداث تغيير مجتمعي أو بيئي من خلال عملهم المستقبلي. هذا الأمر عالميا بدأت تظهر نتائجه، حيث إن العقد الماضي أظهر عددا محدودا من الشركات المدرجة ضمن Fortune 500 أفصحت في تقاريرها عن أعمالها في CSR أو الاستدامة Sustainability، في حين أننا نرى حاليا أن أكثر من ثمانية آلاف شركة حول العالم وقعت على الميثاق العالمي للأمم المتحدة لإعلان التبرعات من أجل المواطنة الصالحة The UN Global Compact to Show Good Global Citizenship، والذي يركز على مجالات حقوق الإنسان ومعايير العمل وحماية البيئة. لهذا نقول إن العبء على القيادات الجديدة في الشركات لحمل لواء المسؤولية الاجتماعية وبناء استراتيجيات الاستدامة، بما ينقلنا إلى مرحلة جديدة أصبحت من متطلبات المستهليكن والمستفيدين بشرائحهم كافة، مما يجعل من الصعوبة على الشركات أن تتجاوز مسؤولياتها الاجتماعية CSR.