"سلمان للإغاثة" يدشّن حملة مكافحة البعوض الناقل للملاريا في مديرية الخوخة بالحديدة    انطلاق منافسات "LIV Golf الرياض" بمشاركة نخبة لاعبي الجولف عالميًا    نائب أمير مكة يطلق 179 مشروعاً تعليمياً في جدة ومكة    مستشفى سعودي يحصد المرتبة ال 15 عالمياً ويتصدر منشآت الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    المملكة الإلكترونية والإدارة الحديثة    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    تحالف مجري للاستثمار التقني في المملكة    خلال لقاء وزير خارجيتها ورئيس الوزراء محمد مصطفى.. مصر تطالب بتمكين السلطة الفلسطينية وإدارتها لغزة    خبراء يعالجون «سمكة» مكتئبة    الشهري مديرًا للإعلام    أخضر تحت 20 يواجه إيران ودياً    رونالدو: حلمي امتلاك عدة أندية    في الجولة ال 19 من دوري روشن.. الهلال والاتحاد في ضيافة ضمك والتعاون    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عن سمو ولي العهد.. أمير منطقة الرياض يتوج الفائزين في مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن    "سدايا" تجمع روّاد الابتكار بمؤتمر" ليب".. السعودية مركز عالمي للتقنية والذكاء الاصطناعي    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    آدم ينير منزل شريف    أسرة العلواني و آل المبارك وآل دعيسان يَتلقَون التَعازي في فقيدتهم "خيرية"    إزعاج من الصف المجاور    الموت يغيب الفنان صالح العويل    تراث الأحساء كنز أصيل يبهر العالم    إطلاق معرض «آرت نهيل» لدعم الحرفيين    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    مدن جديدة لإنتاج وتسويق البن والفواكه.. خارطة طموحة للأمن الغذائي بمنطقة الباحة    «الصحة»: إحالة مدعي الطب البديل لجهات الاختصاص لمحاسبته    رفقاً بمحاربي السرطان    مؤثرو الغفلة    الترجمة تلاقح ثقافي بين الحضارات    حسام بن سعود يعتمد نتائج جائزة الباحة للإبداع والتميز    هيئة فنون الطهي تنظّم مهرجان ثقافة الطعام    تكريم عراب التدوين القشعمي بملتقى قراءة النص    التأسيس عز وفخر    محللون سياسيون ل«عكاظ»: الموقف السعودي لا يتزعزع.. السلام لا يتحقق إلا بقيام دولة فلسطينية    اللجنة المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية لليمن تعقد اجتماعها ال22    قاعدة: الأصل براءة الذمة    مركز القرار.. السياسة الإنسانية الحصيفة تنشر السلام    منصات التوصيل النسائية تنافس تطبيقات المشاوير    الاتفاق يتلقى خسارته الأولى أمام الرفاع البحريني في دوري أبطال الخليج للأندية    تطوير قطاع النقل الخليجي يخفض انبعاثات الكربون حتى 40%    بنوكنا: نعتذر عن تنفيذ الخدمة!    الهلال بلا إعلام !    الجابر يدافع عن البليهي ويستنكر ما حدث من جمهور الهلال    فلسطين.. من رسالة المؤسس إلى رسالة المجدد!    قليلاً من العقل يا فخامة الرئيس    صفحة بيت    أمر ملكي يعزز النزاهة ويعيد المال العام    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    القبض على نيبالي في الشرقية لترويجه الحشيش    جلطات الزنجبيل تستنفر الصحة وتحيل مدعي الطب البديل للجهات المختصة    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    بيئة حيوية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الميزانية و"طلاسم" مؤسساتنا
نشر في أنباؤكم يوم 02 - 02 - 2014


الوطن - السعودية
"مشكلة مؤسساتنا ليست مع الميزانية، فالخير يأتيها سنويا بشكل وفير، مشكلتها سوء الإدارة، وعدم تفعيل دور الضمير، وأن تخرج عن تقمص دور "الرجل الغامض بسلامته" الذي يحيط نفسه بالأسرار اعتقادا بأنه هكذا يكون أكثر جاذبية"
كلما تدلى السؤال على وسادتي كاللعاب، مسحته بطرف اللحاف وعدت إلى النوم، فيقفز اللئيم إلى داخل أحلامي، لأستيقظ فزعا أستعيذ بالله ثلاثا ثم أعود إلى النوم، وهكذا تمضي بي الليلة -كل ليلة- أنام ولا تنام الأسئلة، إلى أن أستيقظ من نومي على مضض، وأغسل بقايا الأسئلة العالقة بين أسناني جيدا، فاليوم في بدايته وإلى أن ينتهي سيتجمع المزيد من الأسئلة.
أذهب إلى العمل.. الكل يشكو غياب الامتيازات، من فوضوية الإجراءات، الكل يطرح الأسئلة تلو الأسئلة ولا جواب إلا جواب وحيد: ميزانية العام لا تلبي كل الاحتياجات! وهكذا تمضي فترة العمل إلى أن ينتهي الدوام، لينصرف الجميع تاركا الأسئلة كالغبار على أسطح المكاتب وأوراق المعاملات.
أعود إلى البيت، أتسلى بمضغ بعض الأسئلة إلى أن يجهز الغداء، وبعد الغداء أبدأ في إعادة أحاديث الأمس على مسامع الزوجة والأبناء، فيبتسمون مجاملة كالعادة، لتبدأ بعدها الطلبات، هذه تريد وهذا يريد وأنا قد أتقنت لعبة تمويه الإجابات، ليأتي ردي دائما: ميزانية الشهر لا تلبي كل الاحتياجات!. هنا من المنطقي أن أفتعل شجارا بسيطا حتى يعلو الضجيج على صوت تأنيب الضمير.
بعدها آخذ بالتجول بين القنوات، هذا "وليد الفراج" يسأل رئيس لجنة المنشطات: لماذا لا تكثفون جهودكم أكثر؟ فيأتي الجواب: الميزانية ما تساعد! وبعد الجواب المعتاد يغير "وليد الفراج" من جلسته وينظر إلى المشاهد نظرة استفزاز ليولد فيه المزيد والمزيد من الأسئلة، فأخاطبه بدوري: لا تنظر إلي هكذا! فأنا من ينتظر منك بعض الإجابات، لا أن تجعلني أتساءل أكثر! أنتظر منك أن تجيب عن سر تدني مستوى الرياضة السعودية، ولماذا الرئاسة العامة لرعاية الشباب تتعلل دائما بنقص مواردها المادية؟ ولماذا أنديتنا العريقة غارقة في الديون؟ أعطني بعض الإجابات ولا تستفزني.
أغلق التلفاز بسخط، وأبدأ في تصفح مواقع الإنترنت.. الأرصاد وحماية البيئة لم تنبه المواطنين إلى هطول الأمطار لعجز في الميزانية! هيئة المساحة الجيولوجية لم تنبه المواطنين عن الزلازل لعجز في الميزانية! هيئة السياحة عاجزة عن توفير بيئة ترفيهية متكاملة لعجز في الميزانية! وزارة الصحة تعد بتحسين أوضاع المستشفيات شريطة تخطي العجز في الميزانية!
الكل محتاج، الكل يعاني مع الميزانية التي تخصص له سنويا. كل المؤسسات تشتكي وتضع اللائمة على نقص الميزانية. الكل يريد المزيد، الكل يعتقد أن مشاكله ستحل بالزيادة. وأن مشكلة مؤسساتنا ليست مع الميزانية، فالخير يأتيها سنويا بشكل وفير، مشكلتها أولا سوء الإدارة لهذه الميزانية، وثانيا عدم تفعيل دور الضمير، أما ثالثا وهو الأهم أن تخرج عن تقمص دور "الرجل الغامض بسلامته" الذي يحيط نفسه بالأسرار اعتقادا بأنه هكذا يكون أكثر جاذبية، ما عاد يجذبنا الغموض يا مؤسساتنا، فلتجربوا الشفافية، وكبداية أن تجيبوا عن سؤال لا يزال كاللعاب يسيل: أين الأصفار؟! فإن كثرة ترديدكم لكلمة "مليار" صحيح أنه جعلنا نعاني من مشاكل سمعية حتى بتنا نسمع المليار بلا أصفار، إلا أن أعيننا لا تزال ترى جيدا، وإنا لنرى أصفارا قد اختفت، فأين ذهبت؟
إن شيطان المواطن كلما وسوس له بفعل سوء، أخرج له المواطن جيبه الخالي مرددا: كان ودي والله، لكن يبدو أن شياطين مؤسساتنا العزيزة ما عادت توسوس لهم إنما تنصحهم بتقوى الله! أن يتركوا شيئا لهذا المواطن حتى يجد ما يذنب به ثم يستغفر عليه، وإلا سيذهب الله به ثم يأتي بمن يذنب ثم يستغفر. بل كأن عموم المواطنين ما عادوا يستغفرون عن ذنوبهم إنما عن أسئلة لا يجدون لها جوابا.
أسئلتهم تبدأ همسا وتنتهي إلى زعيق، ولا جواب. قد تعب الناس، وملوا من تدلي ألسنتهم تحت ثقل الأسئلة، وتراكم علامات الاستفهام في جماجمهم. قد أصيبوا بداء السمنة لكثرة ما يبتلعون أسئلتهم، ولا جواب. الكل يسأل ويسأل في وطن كل مؤسساته صمّاء!.
كأننا في "طلاسم"، الكل يدري أنه لا يدري ولا أحد يدري أن الكل يدري! هل نحن نصعد أم نهبط أم نغور؟ أم نسير في الدرب أم الدرب تخطانا وأكمل المسير؟ هل الميزانية تتبخر أم تذوب أم هي مع العصافير تحلق عاليا وتطير؟ هل هناك من يدري أم لا أحد يدري أم الكل يدري وأنا وحدي لست أدري! من يتبرع بإفراغ رؤوسنا من علامات الاستفهام؟ لماذا الحكومة تعطي ومن يأخذ يطالب بالمزيد؟ ولماذا المزيد والموجود عن الحاجة يفيض؟ لماذا عند صدور الميزانية تعدنا كل المؤسسات بأنها ستنجز ولن تتوانى أو تستهين، ثم في نهاية العام تعتذر كل المؤسسات فهي قد توانت مرغمة لأن الميزانية كانت عصيّة على أن تليّن؟.
لماذا أطرح كل هذه الأسئلة؟، لست أدري. ربما لكي أتجنب دخول الأسئلة إلى مناماتي كالكوابيس المفزعه! ربما أنا هكذا أغسل أسناني جيدا من بقايا الأسئلة، أو ربما أعيد طرح حوار دار يوما بيني وبين كفيف، حين سألني عن لون المستقبل، فأجبته: هو كما تراه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.