الاقتصادية - السعودية كباحث متخصص في حوكمة الشركات، عاصرت هذا المصطلح منذ بدايات بزوغه في المملكة، أجريت عددا من الدراسات وكتبت الكثير من المقالات عن تطبيقات وممارسات حوكمة الشركات في القطاع الخاص السعودي، وألحقتها بعدد من المقالات والأفكار عن تطبيقات هذا المصطلح في بيئة عمل القطاع العام والقطاعات الخدمية، كما ناديت به كثيرا في مجالات المنظمات غير الربحية. حقيقة كنت أعتقد أنى الوحيد الذي يهتم لهذا الأمر، حتى أصبت باليأس، فكثير من المحاولات والتصريحات الإعلامية من الجهات والهيئات الرسمية والمؤسسات التعليمية العليا لم تتجاوز كونها فقاعات يصعد عليها المصرحون للأعلى، ثم تنفجر بهم في فضاء فسيح، ويختفون بعد ما حققوا من مكاسب إعلامية على أكتاف أقلية المستثمرين والمتداولين، وهم لم يحركوا ساكنا في قلوب الهوامير والمتنفذين. كمتلقٍ قرأت الخبر الذي نشرته "الاقتصادية" في عددها 7407 والحوار الذي أجري مع وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار، ثم قرأت كلمة "الاقتصادية" في اليوم التالي التي جاءت بعنوان "مؤشر حوكمة الشركات لتعزيز التنافسية"، استبشرت كثيرا أن حوكمة الشركات سيصبح لها قاعدة معلومات تقيس الشركات المحلية على ضوئها، بل سيصبح هناك مؤشر مستقل يوضح للمستثمرين والملاك موقع شركاتهم من خريطة الحوكمة العالمية. لكن الصدمة التي أيقظت مضجعي وجعلتني أصحو من حلمي الجميل، أن أرى الهيئة العامة للاستثمار هي من تتبنى هذا الأمر، بعد أن وعدت به جامعة الملك خالد من خلال أول مركز لحوكمة الشركات في المملكة، ثم حاولت هيئة السوق المالية أن تقنصه ولم تواصل في مسارها. لتأتي الهيئة العامة للاستثمار لتصعد على فقاعة احتياجات السوق، وأمل تطويره ليكون بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية وهو الدور الرئيس الذي تضطلع به الهيئة وتعمل من خلاله وتفصح به في رسالتها "توطين وجذب الاستثمارات من خلال تحسين البيئة الاستثمارية وتطوير الحوافز ورفع مستوى الخدمات بأيد وكفاءات مميزة وشراكات فعالة". هذا المؤشر الذي سيطور بمشاركة معهد مجالس الإدارة الخليجي وجامعة الفيصل وبرعاية إعلامية من صحيفة "الاقتصادية"، في وجهة نظري لا يحقق الاستقلالية المنشودة في الحكم علي مستوى الشركات المحلية. وباعتماده على لائحة حوكمة الشركات البسيطة التي أطلقتها هيئة السوق المالية في عام 2006 لامتصاص ردة فعل المستثمرين من آثار الكارثة الاقتصادية التي عصفت بربع قيمة المؤشر.