رأي اليوم- لندن ما زال هناك من يقرض الشعر غزلاً فى القضاء الشامخ وأحكامه المُحصّنة ضد النقد والتعليق ويذهب البعض إلى أنه (أى القضاء) أعرق وأنزه مؤسسة قضائية فى المنطقة العربية وربما العالم أجمع ،لاسيما بعد مهرجانات البراءة للجميع التى طالت جميع المتهمين تقريباً بقضايا فساد وقتل وسرقة واستغلال نفوذ وتربح...إلخ من تهم لا تزال تأثيراتها السلبية خير شاهدٍ على أوضاعنا البائسة منذ عشرات السنين وحتى اللحظة. فقد ترددت معلومات خطيرة تثبت الأيام صحتها تتعلق بتسييس القضاء" الشامخ" وتوجيهه فى اتجاه واحد لصالح السلطة الحالية مفادها أن الجنرال اجتمع برجال العدالة"العمياء" بُعيد الانقلاب بيومٍ واحد قائلاً لهم نصاً " انتم عارفين إن مرسى لا يزال رئيس الجمهورية ، وإن مرسى كانت أولوياته تطهير القضاء والداخلية والإعلام ، فإذا لم تتفاعلوا معى سوف أعيده وأسنده فى تطهير فسادكم .. فما رأيكم؟ فما كان منهم أن ردوا: أأمرنا يا فندم ، فرد عليهم : اللى يجيلكم من الإخوان اذبحوه." انتهت الرسالة التى تفسر ما يحدث داخل أروقة مؤسسة العدالة " العمياء" من تسييس واضح ويُظهر مدى الاختراق الكبير وينفى بشدة ادعاء ومزاعم الاستقلالية عن السلطة التنفيذية فضلاً عن اعتراف فاضح من الجنرال الممثل لسلطة الأمر الواقع بفساد القضاء بل والأنكى أن يصبح الفساد وكأنه منهج وواقع يتم التكيف معه داخل تلك المؤسسة فضلاً عن مؤسستى الداخلية والإعلام سالفة الذكر. عندما يتم الحكم على فتيات الإسكندرية (حاملى بلالين رابعة) بالسجن 11 عاماً ثم مع الضغوط الداخلية والخارجية يتم تخفيف الحكم إلى سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ فلا تحدثنى عن نزاهة القضاء " الشامخ" ، وعندما تتم تبرءة الجنرال أحمد شفيق ونجلا مبارك فى قضية أرض الطيارين(40 ألف متر مربع فى البحيرات المرة) فحيادية القضاء هنا أمر مضحك ومبكى فى آنٍ واحد ، وعندما يتم حفظ 30 بلاغاً مقدماً ضد رئيس نادى القضاة " أحمد الزند" اتهمته بالتحايل على القانون واستغلال النفوذ للحصول على مساحة 264 متراً بمدينة الحمام بمحافظة مرسى مطروح فى نفس الوقت الذى يتم فيه بقرار من قاضى التحقيقات المنتدب من وزارة العدل الخاص حفظ التحقيقات مع 19 قاضياً اتهموا بالاشتراك فى تزوير انتخابات (2005 – 2010) وجديرٌ بالذكر أن أحدهم هو القاضى الذى ينظر القضية المتهم فيها الرئيس محمد مرسى ومن بينهم أيضاً قاضى محاكمة الفريق شفيق فى قضية أرض الطيارين وقد ذكرت تلك المعلومة فى مقالى الأسبق ( جريمة تسييس القضاء) واستمراراً على نفس النهج ولكن بشكل معاكس وبانتقائية شديدة وممنهجة رفض دائرة طلبات القضاة باستئناف القاهرة الطعن المقدم من 75 قاضياً كانوا قد وقعوا على بيان تأييد الشرعية ، وطالبوا فيه بإلغاء شطبهم من نادى القضاة ولكن لأن عدالتنا عمياء فكأن شيئاً لم يكن على اعتبار أن هؤلاء القضاة (المؤيدين للشرعية من المارقين) ، وعندما يصدر قرار من هيئة المفوضين بمجلس الدولة برفض دعوى قُدمت لمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من الترشح لانتخابات مرحلة ما بعد ثورة25 يناير، فلا ينبغى أبداً بحالٍ من الأحوال أن نأخذ كل هذه الأحكام بحسن نية وبلاهة إلا إذا كنا بالفعل من نزلاء مستشفى العباسية للأمراض العقلية أو عبيد لا نرى إلا ما يرى الأسياد. قلت قبل ذلك وأؤكد أن فى مصر قضاة مستقلون وشرفاء كأفراد ولا يوجد قضاء مستقل كمؤسسة بمفهوم الاستقلال عن القيود وضغوط السلطة والفرق كبير بين الاثنين ذلك أن القضاء " الشامخ" ناله ما ناله من اختراق كبقية مؤسسات الدولة والذى لم يكن أبداً نشازاً عنها أومغرداً خارج السرب المحدد له إلا من رحم ربك .