السعودية عنصر الأجر أحد ثلاثة عناصر مكونة لعقد العمل والعلاقة العمالية بين أرباب الأعمال والعمال، إضافة إلى العمل وتبعية العامل لرب العمل، ولأن أجور العمال تتجاوز في أهميتها فكرة الحق إلى تأثيرها الكبير في سير المنشآت واستقرار الاقتصاد من خلال ضمانة حقوق العمال، فإن وزارة العمل أحسنت أن وضعت في برامج عملها الإشرافي على سوق العمل السعودية حماية أجور العمال دون حاجة منهم إلى اللجوء إلى القضاء، فقد انطلقت المرحلة الثانية من برنامج حماية الأجور، حيث دعت وزارة العمل أكثر من 248 شركة عملاقة، إضافة إلى المدارس الأهلية، إلى الالتزام ببرنامج حماية الأجور في مرحلته الأولى من خلال رفع ملفات صرف الأجور في صفحة البرنامج في الموقع الإلكتروني. لقد بدأت المرحلة الثانية من تطبيق البرنامج وعقدت لذلك الوزارة ورش عمل للتعريف بالبرنامج وآلية استخدامه وفوائده ومميزاته للشركات المستهدفة استعدادا للمرحلة الثانية، التي بدأت فعلا، والتي تشمل الشركات التي لديها ألفا عامل فأكثر، وأكدت الوزارة جديتها في تنفيذ برنامج حماية الأجور، حيث نفذت عقوبات في حق عدد من المنشآت التي تأخرت عن رفع ملفات أجور موظفيها في المرحلة الأولى، وذلك بإيقاف جميع الخدمات ما عدا خدمة إصدار وتجديد رخص العمل للمنشآت المتأخرة لمدة شهرين وإيقاف جميع الخدمات، والسماح للعمالة بنقل خدماتها إلى صاحب عمل آخر دون موافقة المنشأة للمنشآت المتأخرة لمدة ثلاثة أشهر، وهذه العقوبات كافية في عدم حاجة العمال إلى التقدم إلى القضاء العمالي بطلب حقوقهم المالية. إن النظام الإلكتروني لوزارة العمل سيتعرف على المخالفات الصادرة من الشركات والمؤسسات، ومنها عدم رفع ملف الأجور في موعده وعدم انضباط صاحب العمل في دفع قيمة الأجر المتفق عليه وكونه مماثلا للأجر المسجل من خلال مقارنة البيانات المسجلة في نظام حماية الأجور ببيانات ملف صرف الأجور وبيانات التأمينات الاجتماعية، وتأتي أهمية هذا البرنامج من أن العمال مصدر من مصادر الإنتاج وهم جزء من المستهلكين لهذا الإنتاج، وهذه الحماية تشمل أيضا التعرف على تطبيق الحد الأدنى للأجور. وشغلت هذه القضية أهل الاقتصاد ورجال الأعمال حتى صدر الأمر السامي بتحديد ثلاثة آلاف ريال حدا أدنى للأجور في القطاع العام وتبعه القطاع الخاص بفعل ضغط برنامج "نطاقات" للتوطين. إن حماية الأجور وحدها الأدنى تخدم النشاط الاقتصادي وتعزز ضمانة الحقوق في سوق العمل وتقلص عدد المنازعات العمالية، فمعظمها محلها الأجور والحقوق المالية التابعة للأجر، وإن ما يبعث على السرور هو الدور المهم الذي تقوم به وزارة العمل حاليا وستقوم به مستقبلا، وهو أن تكون لها الكلمة الأولى في وضع الأجور على سائر دول العالم التي تهتم بهذه القضية، ومنها دول سبقت في صياغة قوانين العمل وعانت مشكلات الخلاف بين العمال وأصحاب الأعمال وتلقنت دروسا في ضرورة عدم إحالة العمال إلى القضاء وعدم فتح الباب أمام تضجرهم واعتراضهم على ضعف ضمانة حقوقهم، خصوصا أنهم يؤدون عملهم وأن من الضروري أن يعي رجال الأعمال أن هذا الموقف القانوني من وزارة العمل ينعكس إيجابا على سوق العمل وعلى عملية الإنتاج ذاتها.