عكاظ -السعودية عندما ذهبت إلى أمريكا لأول مرة في أوائل السبعينات الميلادية، وأخذت أتجول في شوارع نيويورك، رافعا رأسي للسماء إلى أن كادت تنكسر رقبتي، مذهولا مما شاهدته من ناطحات السحاب، متذكرا حديث (الحفاة العراة) الذين يتطاولون البنيان، فبدلت الحفاة العراة ب(الكاوبويز) رعاة الأبقار بدلا من رعاة الشاة، وحمدت الله أنني سوف أموت وقتها على المحجة البيضاء. وبعدها استطاع (طيور شلوا) من أطفال وصبيان (بن لادن) الإرهابي، أن يدمروا برج التجارة العالمي بنيويورك، في غزوة عبثية، وهاهو الآن يرتفع في مكانه برج آخر كأعلى مبنى في أمريكا. ولكنه، ومع ذلك، يظل أقصر من برج خليفة في دبي الذي يرتفع أكثر من (800) متر فوق سطح الأرض، وخلال ثلاث سنوات على ما أظن سوف يكسر هذا الرقم القياسي برج (المملكة) في جدة الذي سوف يشق عنان السحاب مرتفعا (كيلومترا) كاملا أي ألف متر، وهو حلم من أحلام الأمير (الوليد بن طلال). ورغم أن أمريكا هي أول من استحدث (موضة) التطاول في البنيان، بعد برج (إيفل) الذي لم يكن برجا سكنيا، كانت أمريكا هي أول من انتبه لقيمة المعادن في التشييد، وأقامت أول مبنى من الفولاذ في (شيكاغو) سنة 1884. غير أن السجادة الآن بدأت تنسحب من تحت أقدام أمريكا، واليوم هناك سبعة مبانٍ شاهقة في آسيا، تعتبر من أطول عشر ناطحات سحاب في العالم. وقد لن يتهنى ويفرح برج المملكة طويلا برقمه القياسي أكثر من سبع سنوات، لأن اليابان بدأت تدخل على الخط، وهناك مشروع مذهل عندها، وهي مصممة على تنفيذه ليس على الأرض اليابسة ولكن على البحر، فهي عازمة بجد وليس بالكلام على بناء عدة أبراج يرتفع الواحد منها (أربعة كيلو مترات)، ويستطيع هواة القفز (بالبراشوتات) أن يمارسوا من على سطحها القفز بكل أريحية. أظن أنه ليس هناك إنسان متعقد من العمارات الشاهقة أكثر مني، فبجانب منزلي ارتفعت أطول عمارة في جدة، وقبل أيام كنت أتمشى وأتريض في فناء منزلي كالعادة، وإذا بالصديق (نجيب العيسى) المستأجر له مكتب في أعلى العمارة يتصل بي من جواله قائلا: شايفك يا مشعل انتبه لا تطيح في المسبح، والحمد لله أنني ساعتها لم أكن لابسا المايوه، وإلا كانت (علوم) خصوصا أن (الكاميرات) جاهزة، و(الواتسب) جاهز و(اللي ما شاف يتفرج) وما أبشعها من فرجة. والآن، قررت أن أبيع بيتي (بكلب سرق هله)، وأنتقل إلى أطراف الصحراء، وبعدها (صب القهوة يا فليحان). [email protected]