سمعنا عن الرئيس السابق والمخلوع والمعزول والوزير الأسبق، ولكننا لم نسمع قط عن الواعظ والداعية السابق! فهل سيحل هذا المصطلح بعد أن أظهرت التحقيقات صحة الاتهامات الموجهة لوالد الطفلة القتيلة (لمى) والحكم عليه بثماني سنوات سجن وجلده 800 جلدة للحق العام، ودية مليون ريال يلتزم القاتل بدفعها كاملة للأم؟! العجيب في القضية أن والد لمى كان يظهر في إحدى القنوات الفضائية ليقدم المحاضرات الدعوية والنصائح التربوية وهو يلبس رداء الوعظ، أو أنه يجيد تمثيل دور الناصح الداعية المتدين، في الوقت الذي كان فيه يقوم بتعذيب ابنته وبالتالي كسر جمجمتها مما أدى إلى موتها. وتُظهر السيرة الذاتية للجاني أنه قد تاب من تعاطي المخدرات وسلك مسلك الدعوة، فوجد ترحيباً منقطع النظير إذ تحول من مدمن إلى داعية ومعالج اجتماعي ونفسي من الإدمان برغم أن إمكانياته وشهاداته لم تكن سوى تجربته الواقعية. والقضية تحمل تساؤلات محيرة، إذ تنقسم إلى شقين، أحدهما: أسباب تخفيف العقوبة على الأب الوحش حيث تم الاكتفاء بالسجن ثماني سنوات والجلد بأقل من ألف جلدة وديةٍ بخس!! برغم أنه قتل نفساً بريئة دون حق، وكان قتلها غيلة وتربصاً دون رحمة بطفولتها أو شفقة عليها وهو يمارس العنف الوحشي من ضرب وحرق وكسر مضاعف في يدها اليسرى وكدمات في أجزاء متفرقة من جسمها جراء تعرضها للضرب بالسوط والسلك الكهربائي. ثانيهما: تغافل فئة من المجتمع عن فعلة الرجل وتسامحهم معها كونه ينتسب لفئة الدعاة، وهذا أمر خطير حين يتم التغاضي عن أفعال بعض المجرمين كونهم يتظاهرون بالدين ويجعلونه قناعاً يخفي وراءه شرورهم، والحق أنه ينبغي محاسبة المرء على فعله وليس على مظهره! وفي الوقت الذي نندهش من الحكم المخفف الذي ناله والد المغدورة البريئة لمى؛ نرجو ألا يكون ذلك مبرراً لأي موتور أن يغتال براءة الطفولة لأدنى سبب، لاسيما أن هذا الفعل قد تكرر مع طفلة أخرى ذهبت ضحية التأديب المزعوم، وطفلة ثالثة نحرها والدها وهي تردد عبارة (السكين تعورني يا بابا)! وكلهن كن بعيدات عن أمهاتهن، مما يثبت التحريض من طرف آخر والترصد والحقد الدفين، وبالمقابل لم يثبت قط قتل والدة لابنتها. وكيف تقتل أم ابنتها؟!! بل كيف لقلب سليم أن يغتال الطفولة؟!