ما زال النقاش حول موضوع ""الراتب لا يكفي الحاجة"" يجتذب زخماً، من وقت إلى آخر، حيث يعبّر الكثير من العاملين في الدولة عن عدم رضاهم عن مستويات الرواتب في المملكة مقارنة بباقي دول الخليج ومتحجّجين بأن الراتب بمستوياته الحالية لا يكفي لتدبير الاحتياجات المعيشية للأسر، بصفة خاصة محدودة الدخول. ما يتخيله المناقشون هو أن قيام الحكومة بزيادة راتب كل موظف بمئات عدة من الريالات أو بنسبة مئوية محدّدة سيصلح من أحوالهم المادية ويرفع من مستويات معيشتهم، في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار الذي تشهده بعض السلع حالياً، وهو تصوّر غير صحيح، يُطلق عليه في علم الاقتصاد الوهم النقدي Money Illusion، حيث يهتم الناس بكمية النقود التي يحصلون عليها وليس بقدرتها الشرائية، أو بالأحرى قيمتها الحقيقية. زيادة المرتبات في دولة مثل المملكة لن تعني سوى شيء واحد هو ارتفاع مستويات الأسعار على نحو أكبر، ومن ثم تراجع القوة الشرائية للدخول، حيث تتحوّل زيادة الراتب إلى إنفاق يضغط على الأسعار نحو الارتفاع ومن ثم المزيد من التضخم، فمع الإعلان عن أي زيادة تضاف إلى دخول الموظفين يبدأ قطاع الأعمال الخاص بدراسة نسبة الزيادة التي ينبغي أن تضاف للأسعار بعد هذه الزيادة في الدخول. في ظل الهيكل الحالي للاقتصاد السعودي، ربما يكون من الأفضل أن يحصل العاملون على زيادات تتماشى مع معدل التضخم حتى لا تكون زيادات الرواتب بلا جدوى.