من الأشياء المحيرة فى عالم الادارة تكرار بعض المشكلات والأخطاء حتى يصل الأمر الى مستوى الثبات بمعنى أن اختفاء المشكلة أو الملاحظة يتحول (ان حدث) الى خطوة غير مسبوقة وغير عادية واستثنائية ومستغربة وتستدعى التوقف والدراسة والتحليل لمعرفة وتحديد أسباب اختفاء المشكلة . تلك مقدمة لحالة ادارية حيث تتحول المشكلات الى عادة موسمية راسخة مقاومة للتغيير . من أمثلة هذه المشكلات الثابتة سوء التنظيم فى المطارات ومستوى الخدمات فيها، وصيانة ونظافة المدارس، والملاعب الرياضية، والآثار التى تنتج عن الأمطار، والزحام فى النقاط الحدودية، وزحام الجوازات، ومشكلات المعتمرين فى مطار الملك عبدالعزيز بجدة، ومشكلات المطوفين، ومشكلة التفحيط، والفوضى التى يتسبب بها بعض المحتفلين باليوم الوطنى، ونظافة المساجد والحدائق وغيرها كثير. ويمكنكم ملاحظة أننى لم أتطرق الى القضايا الكبيرة مثل تطوير التعليم، وتطوير الرعاية الصحية، والاسكان، والسعودة، وقضايا استراتيجية أخرى ذات طبيعة مختلفة ومن الطبيعي أن يطول انتظار نتائجها. نحن نتحدث اليوم عن مشكلات لها صفة اجرائية الى حد ما وتحتاج الى جودة فى التنفيذ واستثمار جيد للموارد المالية ومتابعة جادة وصارمة ومقننة ومستمرة . المؤشرات التى تدلنا على اكتشاف المشكلات الثابتة قد تكون صغيرة أو يعتقد البعض أنها هامشية ولكنها ذات دلالة فاذا نظرت الى سيارة الأجرة مثلا ووجدتها غير نظيفة أو لاحظت أن طاولة الطعام في الطائرة لا تنفتح أو وجدت أن الباب الكهربائي المؤدي الى صالة المطار قد ينفتح وقد لا ينفتح فاعلم أن هذه الملاحظات هي التى يفترض أن تقودنا الى الفكر الاداري والاجراءات المتبعة واسلوب المتابعة ونوع الثقافة الادارية السائدة . ومن المشكلات الثابتة ما له ارتباط بالمرأة التى نثق بها ونكلفها بمسؤوليات جسيمة وقيادية وتشارك فى التنمية والبناء فى مجالات متعددة.. هذه المرأة التى تراجع المستشفيات، وتدخل الأسواق، والمطارات وتعمل في مواقع كثيرة يقال لها حين تراجع احدى الشركات (ممنوع دخول النساء) رغم أن صالة استقبال المراجعين كبيرة ومفتوحة على شارع عام وحين تسأل عن السبب يقال لها : هذه تعليمات الهيئة فتدرك أن هذه المشكلة ليست من المشكلات الثابتة فقط بل من المشكلات المنسية. وهنا نتساءل : هل وجود المشكلات الثابتة يعود الى عدم وجود تخطيط أم وجود خطط غير قابله للتنفيذ، أم يعود عدم التنفيذ الى عدم توفر الكفاءات أو عدم توفر الرغبة أو الامكانات المالية أم هو ضعف المتابعة. الشيء المؤكد هو أن المجتمع يناقش المشكلات الثابتة بثبات واستمرار ولاتزال القضية منظورة أمام محكمة الفكر الاداري لكن قفص الاتهام لا يوجد به أحد.