مجلس الوزراء أقرّ منتصف هذا العام تطوير مراكز الخدمة ومحطات الوقود على الطرق السريعة وبين المدن، وذلك بغية حث الجهات المعنية وملاّك هذه المراكز على تحسين أدائها وتفعيل دورها، من أجل تقديم خدمات أفضل، فالقرار جاء في وقته من أجل الإسهام في تطوير هذه المراكز والمرافق الخدمية، كالوقود والمحروقات والورش والاستراحات والنُزل التي لا تزال تعاني من قلة الاهتمام، وندرة الصيانة، حتى وسمت بالإهمال وسوء الاستخدام وتردّي الخدمات المساندة. فمنذ أمد ومحطات الوقود تعاني من نقص هذه الخدمات الضرورية على نحو المرافق الإنشائية المتهالكة، والبنى التحتية الضعيفة، ومظاهر دورات مياه التي تخلو من أبسط مقوّمات الصحة ومعايير الوقاية، أضف إلى ذلك غياب العمل الاستثماري الناجز والمفيد للبيئة والمجتمع. فالبرامج المنتظرة لتطوير هذه المرافق يجب أن تكون شاملة ومتميزة وتتسم بالرؤية الاستثمارية الواعدة، على أن تسعى هذه الوسائل التطويرية إلى تهيئة عناصر الجذب، وذلك من خلال تأسيس هذه المراكز بنمط تراثي وخدمي يعكس جماليات البيئة ومكوّناتها، لعلها تسهم في جذب المسافر أو المتنقّل بين المدن، ليستفيد من مرافقها، مع أهمية أن يتم استقطاب الأيدي المحلية العاملة في مجال التراث، ومن لديهم الرغبة في عرض إنتاجهم من المشغولات والأعمال التراثية والحرفية بمختلف أنواعها. ومن أبرز ما يمكن أن يُستفاد منه في مرحلة تطوير منشآت محطات الوقود ومواقع الخدمات على الطرق البرية، هو تقديم كل منطقة لألوانها التراثية والحرفية، بطريقة شيقة على نحو عرض المشغولات وتقديم الأكلات الشعبية، وفق آليات عمل معدّة بعناية وبأسعار موحّدة، وأن تحافظ هذه المنتجات على مستوى جودتها وسلامتها ومطابقتها لمعايير السلامة. ومن أجل نجاح مشروع التطوير لهذه الأماكن، فإنّ من المهم أن تكون سبل الاستثمار لهذه المحطات ومرافقها معدّة بعناية، ووفق دراسة عملية واقعية، يتم من خلالها الاهتمام بالمنجز المحلي، وتسهيل مهام من يريد العمل في هذا المجال ومنع الاحتكار والهيمنة لجهات ما قد تنشد الكسب المادي فحسب، كما أنّ المرونة في سن الضوابط ستسهم في إنجاح هذه المشاريع والإعمال، لتولد فرصاً استثمارية ووظيفة، بل تعزّز دور هذه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، لتقوم بدورها الخدمي، والبحث عن المزيد من فرص العمل والنجاح في هذه المجالات. والأهم من هذا وذاك، هو أن يتم إلغاء كافة الأنظمة واللوائح القديمة في مجال هذه الخدمات وربطها بوسائل حديثة، مع تأكيد البحث عن جهات جديدة ترعى شأن هذه المواقع التي ستقام على الطرق وبين المدن، باعتبارها عناصر جذب للمسافرين الذين يبحثون عن السياحة والجولات البرية في مواسم كثيرة من العام كالإجازات السنوية والعطل الرسمية والرحلات البرية. ومن الأهمية بمكان أن يتم خلق مجال إعلاني جديد يُسوِّق لهذه المشاريع الجديدة والأعمال الواعدة، وإن يتم التخلُّص من الوسائل القديمة، لأنّ السعي إلى تطوير بعض الوسائل القديمة قد لا يكون ناجعاً، لأنّ حالة الضعف والبدائية قد تكون أكثر من قيم الجودة والقوة في مثل هذه البرامج التي لم تحقق في السابق ما يفيد. كما أنّ دور الجهات الخدمية الأخرى ضروري وواضح، وهو بلا شك ضمانة لنجاح مثل هذه المشاريع الخدمية، على نحو جهات البلديات والتجارة والعمل وهيئة السياحة والآثار، من أجل أن تتحقق معادلة النجاح لهذه المشاريع الحيوية التي تُعَد ذخيرة وطنية، وثروة مادية لا بأس فيها في الكثير من البلاد.