في جامع البواردي في الرياض يدعو الخطيب للملك عبدالله بن عبدالعزيز بصفته -الملك- (ولي الأمر)، مثنياً ومبجلاً ولاة الأمر في هذا كونهم وحدهم من يطبّقون الشريعة الإسلامية، ويحذر من الداعين للفتن والخروج على ولي الأمر. وفي جامع عمرو بن العاص في القاهرة يقول الخطيب: (نحن ننتظر الخلافة الإسلامية.. وأقسم بالله الخلافة الإسلامية قادمة، وكأني أنظر إليها بعيني الآن، وما يحدث اليوم في البلاد الإسلامية الآن من اتحاد لعلماء الأمة وأحداث يؤكد أن الخلافة الإسلامية قادمة). إلى هنا قد يكون الأمر طبيعياً، فنحن نتحدث عن جامعين بينهما آلاف الأميال، غير الطبيعي عندما يكون «الخطيب» في جامع البواردي هو ذاته الخطيب الذي ينتظر الخلافة الإسلامية ويُبشر بها! هل هناك تناقض بين الخطبتين؟ بتحليل رجل الشارع البسيط يكون الجواب (نعم) فمن البديهي أن قيام دولة الخلافة الإسلامية المنتظرة يعني -بالضرورة- أن يكون وطننا مجرد (إقليم) بلا سيادة، وتابع للخليفة (المُرشد)، ولنعتبر -جدلاً- أننا انسقنا للشعار وقلنا إن دولة الخلافة الإسلامية حلم كل مسلم فهل برجوع الخلافة سيرجع لنا عمر بن الخطاب؟، كل هذه آراء مشروعة، لكن أن يعود نفس الخطيب إلى جامع البواردي مرة أخرى ويطلب من المسلمين (السعوديين) التمسّك بولي الأمر الشرعي لهذه البلاد، فأيهما نصدق؟ أن نخرج على ولي الأمر في وطننا كي نهيئ الطريق للخلافة الإسلامية التي أقسم بالله أنها قادمة، وكأنه يراها بعينه الآن، أم نصدق ما يقوله لنا في منبر البواردي، وقس على ذلك لو صلّى (سعودي) في مسجد عمرو بن العاص أو صلى (مصري/ إخواني) في مسجد الخطيب ذاته في الرياض! فقدان الثقة شيء غاية في الإيلام، والأشد إيلاماً أن تفقد الثقة في شخص كان من المُفترض أن يكون قدوة، وصادعاً بالحق لا تأخذه به لومة لائم، لهذا قد أحترم من يقول رأيه بوضوح حتى لو كان رأيه مؤلماً أو شاتماً وشامتاً بوضوح، لكنني لن أحترم من يغيّر قناعاته تبعاً للمكان والمناسبة والزمان. يقول الإمام الغزالي: (ليس من الضروري أن تكون عميلاً لكي تخدم عدوك، يكفيك أن تكون غبياً).