ماذا يخفي حصول الجمارك السعودية على المرتبة الأولى عالمياً - أكرر - في مكافحة الغش؟ إنه يُخفي أننا في مقدم ضحايا الغش التجاري عالمياً، وأستغرب أن يصوَّر حصول الجمارك على هذه المرتبة في بعض الأخبار المنشورة على أنه إنجاز مع تقديري لجهودهم، لأنه أوضح حجم الفجوة، على اعتبار أن هناك سوراً وفيه فجوة لا بقايا سور يفرز الصالح من الطالح في الواردات. وصلت نسبة المضبوطات من السلع المغشوشة والمقلدة الى 36.5 في المئة من مجموع ضبطيات دول منظمة الجمارك العالمية وهي 179 دولة. يوضح هذا أن سوقنا من أكبر أسواق السلع المغشوشة والمقلدة، والذي يدفع الثمن هو المستهلك، إنه يستحق لقب «المغشوش الأول»! وفي تصريح لوزير المالية الدكتور إبراهيم العساف عن جهود الجمارك، قال: «إن أرقام السلع المغشوشة والمقلَّدة التي ضبطت توضح مع الأسف أن السوق السعودية مستهدفة من ضعاف النفوس». ونحن نريد معرفة ضعاف النفوس في أسواقنا، ومع النسبة الكبيرة عالمياً نستنتج حجم أعداد ضعاف النفوس لدينا، لم تصدر هذه السلع من ضعاف نفوس الخارج إلا بوجود مستقبل لها ومستورد من ضعاف النفوس في الداخل. ما الذي سيحصل لضعاف نفوس الداخل؟ الستر وبعض غرامات! تتكفل الأرباح المضاعفة بتسديدها مع الشكر والتقدير. لا يكفي أن يكون لدى الجمارك السعودية قائمة سوداء على افتراض وجودها لتجار ثبت ضعف نفس الواحد منهم أمام السلع المغشوشة والمقلدة، هذا لن يحقق ردعاً مستحقاً، الأولى أن تعلن أسماء ضعاف النفوس ومنعهم من الاستيراد مهما تعددت سجلاتهم التجارية، يتم التعامل مع التاجر لا مع رقم السجل التجاري، لعل الواحد منهم يستحي قليلاً ويبدأ في علاج ضعف نفسه. أما تصوير الأرقام والنسب على أنها إنجازات فهذا جزء من الصورة يخفي الجزء المعتم والمرشح للتوسع، ثم إن جهود مصلحة الجمارك وغيرها في ملاحقة مثل هذه السلع تضاف إلى خسائر المستهلكين والاقتصاد، كما تستنزف طاقات وموارد كان الأولى توظيفها في أمور أخرى لو توفر الردع الحقيقي، لكننا ما زلنا في مرحلة الطبطبة، إلا إذا تم دمغ بطاقة الأحوال بخط أحمر للواحد من هؤلاء المستوردين بعبارة «ضعيف نفس»!