تعد المحاماة في الغرب ثاني أفضل مهنة من حيث الدخل بعد الطب؛ ففي كثير من الأحيان لا يلزم المحامي - لتحقيق مزيد من المال - سوى إقناع أحد الأشخاص برفع دعوى ذم وقدح ضد مؤسسة أو شخصية ثرية بالقدر الكافي! .. وكثير منا قرأ عن قضايا تعويض أو رد اعتبار كسب أصحابها مبالغ محترمة لأسباب تافهة نسبيا. وقضايا كهذه، وباستثناء حد القذف بالزنا (وهو ثمانون جلدة)، تترك الشريعة الإسلامية حدود التشهير والذم لتقدير القاضي أو الوالي - وقد يتم دفع تعويض مالي للضحية. أما بالنسبة للقوانين الوضعية فمن الواضح أنه كلما زادت شهرة المرء زادت قيمة التعويض الذي يحصل عليه.. ومن أشهر قضايا القذف التي أتذكرها مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه دفعت للممثلة البريطانية كيو ستارك من صحيفة الميرور لأنها ادعت أنها على علاقة بالأمير اندرو. وحصل الممثل جيفري آرثر من صحيفة ديلي ستار على نصف مليون جنيه لأنها ادعت أنه على علاقة مع إحدى بائعات الهوى. كما حصل توم كروز من إحدى الصحف على ثلاثة ملايين دولار لأنها اتهمته بالعجز الجنسي.. وانتظر العالم كثيرا قيمة التعويض الذي ستطالب به لوينسكي الرئيس كلينتون - ولكن يبدو ان تسويات ودية سترت الدعوى في مهدها! أما أقدم وأكبر تعويض قرأت عنه شخصيا لدعوى قدح وذم فكانت في كتاب جينيس للأرقام القياسية حيث ربح جون وايلد - أمريكي عمره 58 سنة - دعوى درت عليه 108 ملايين دولار تعويضا عما لحق به من إساءة.. وبعد ذلك استؤنفت القضية لدى المحكمة العليا بولاية منيسوتا فأمرت بإعادة المحاكمة أو دفع مبلغ إضافي إلى وايلد قدره 15 مليون دولار!! أما بالنسبة لقضايا التعويض الصناعي فهناك القضية الشهيرة للدكتور بولاريد مخترع كاميرا التصوير الفوري (التي تقاعدت حاليا بفضل كاميرات الديجتال).. ففي عام 1990 وافق بولاريد على استلام 900 مليون دولار من شركة كوداك للتصوير بعد ثماني سنوات من الصراع في المحاكم. وأساس القضية أن شركة كوداك سرقت فكرة بولاريد للتحميض الفوري وأنتجت كاميرات للتصوير بالحال. وبعد رفع بولاريد الدعوى أُجبرت كوداك على التوقف عن إنتاج ذلك النوع من الكاميرات. وخوفا من تفاقم القضية - وقيمة التعويض- اتفقت ودياً مع بولاريد على دفع ذلك المبلغ !!! - على أي حال لعلك تساءلت مثلي إن كانت سمعة "البعض" تستحق مثل هذه المبالغ الضخمة!؟ - وفي المقابل ؛ أتساءل أنا إن كان "حب الخشوم" في مجتمعنا المحلي يكفي كتعويض عن تشويه السمعة الحسنة!؟ .. من المؤكد أن الأمر يحتاج في مجتمعنا لمزيد من التقنين.. وحتى حين ، لينظر كل امرئ لسمعته كم تساوي!