محمد سليمان العنقري - الجزيرة السعودية قد يُظن ان عدو اقتصادك هو خارجي دائما وهو امر اعتادت مواجهته الدول ويندرج تحت مسميات عديدة كالتنافسية المزيفة وليست الشريفة او الحمائية او ضرب المصالح الاقتصادية، وهي تُعد حرباً صريحة، لكن كل ما ذُكر تستطيع ان تواجهه الدول، ومع تطور الأنظمة واللوائح الاقتصادية العالمية باتت حماية الاقتصاد من الخارج أيسر إلى حد كبير. لكن العدو الأخطر على أي اقتصاد عندما يكون من داخله يقتات عليه ويؤثر به سلباً، مما يؤدي الى حدوث كوارث اقتصادية لا سمح الله، وفي حال الاقتصاد المحلي لا يوجد اكثر من الفساد والتستر عدوّين للاقتصاد، والقضاء عليهما يعد اهم اصلاح حقيقي فيه. فالفساد يعني الاستغلال والمحسوبيات والهدر المالي وسوء التنفيذ للمشاريع والمحاباة التي من شأنها تقليص فرص تطور قطاع الاعمال وعدم تحقيق التوزيع العادل للثروة، واضعاف مشاركة اكبر عدد ممكن من المواطنين او وحداتهم الاقتصادية بالنشاط التجاري عامة، ناهيك عما يخلقه من اضرار اجتماعية ويلعب دورا سلبيا بتفاقم البطالة والرشوة والكثير من الاشكاليات التي تتراكم مع الزمن لتصبح كوارث تكلفة حلها باهظة الثمن. اما التستر وهو مرتبط بالفساد ايضا فآثاره مدمرة نلمسها بمشكلة البطالة والتحويلات النقدية الضخمة للخارج والتي فاقت 130 مليار ريال العام الماضي مع ما يفرزه من ثقافة اتكالية بالمجتمع وفوضى بسوق العمل اوجدت مئات الألوف من العمالة السائبة أضرت بسمعة سوق العمل بالمملكة وأدت لاهدار مبالغ طائلة من الدعم المقدم للخدمات، وأفرزت معطيات استثمارية مشوهة في حال الطلب والعرض بمختلف القطاعات ناهيك عن الخسائر التي تلحق بالاقتصاد نتيجة فوضى التسعير لاعمالهم وجودة ما ينتجونه والاضرار الاجتماعية الاخرى كالجرائم والفساد الاخلاقي، ولا يجب ان نغفل عن قضية ملحة وهي تسلل اعداء للوطن من الخارج ليستفيدوا من خيراته ويمولوا بها المتربصين لوطننا من خلال اعمال تجارية مشروعة او غير مشروعة، ويعملون تحت غطاء التستر عليهم بتصاريح اقامة نظامية وكفلائهم لا يدرون عن نشاطهم او لمن تذهب تحويلاتهم بالخارج. وما حملة تصحيح اوضاع العمالة المخالفة والتي اغلبها متستر عليها الا دليل على تفاقم هذه المشكلة الكبيرة وهي التستر بمختلف اشكاله ومعالجتها الحالية ستنعكس ايجابا بالاقتصاد خلال الاشهر والسنوات القادمة بصورة كبيرة وملموسة. ان القضاء على اعداء الاقتصاد الوطني الداخليين له الاولوية دائما ومسئوليته مشتركة بين الجهات الحكومية والمواطن على حد سواء، فمن يعين على الفساد والتستر لا يعتقد انه مستفيد، بل هو خاسر كبقية المجتمع لان الضرر سينعكس عليه من ابواب اخرى وعلى ابنائه واحفاده، والمساهمة الفعالة بالقضاء على هذين العدوين هو احد اهم الواجبات والحلول للكثير من الاشكاليات التي تواجه الاقتصاد من بطالة وترشيد للهدر المالي وتعزيز قوة النمو الاقتصادي واستدامته الطويلة.