سياحنا في ماليزيا لا يتعدون زيارة مدينة كوالالمبور وجزيرتي بينانج ولنكاوي.. وبذلك هم لم يروا كثيرا من ماليزيا، وفوتوا على أنفسهم سحرها الحقيقي؛ لأن هناك الكثير من المناطق أكثر زهوا وجمالا عبر سنين وجيزة في صياغة حضارة ومسيرة أمة، غدت صناعة السياحة في ماليزيا جزءا لا يتجزأ من خطة ال 2020 المدروسة والمكثفة بتقنيات مذهلة من مهندسها وعرابها رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، لتمتد إلى رئيسها الحالي وعاشق اقتصادها نجيب رزاق، اللذين نجحا في نقل بلادهما المغرية للعالم بأسره.. ليتلمس من أراد حياةً سحرَ ماليزيا الشهير. فعلى سبيل الواقع ومثال حيّ دون "شعارات" بدأت وزارة السياحة الماليزية لتسويق حملة ضخمة لاستقطاب سوق السفر العربي لتستمر حتى نهاية عامنا الجاري، وتحت شعار "زوروا ماليزيا 2014"، كما أرفدته بإطلاق تطبيقٍ ترويجيِّ لأول مرة عبر أجهزة "آي باد" باللغتين العربية والإنجليزية ليسمح هذا التطبيق المعلوماتي التفاعلي للمسافرين ورجال الأعمال العثور على المعلومات عن الوجهات السياحية في ماليزيا وحجز الرحلات والفنادق بأفضل العروض وأسهلها.. وأخيرا لتستهدف جذب 28.8 مليون زائر أجنبي خلال عام 2014.. ومسار الهدف الاستمرار في تنفيذ الكثير من المشاريع التنموية لاستقطاب 36 مليون زائر لتحقيق ما يعادل 60 مليار دولار من دخل السياحة بحلول عام 2020. ماليزيا الخليط العجيب شعوبا و"تعايشا" ونموا تمازجت مع الأرض"بنكهة" أخّاذة تأسرك منذ هبوطك في مطار كوالالمبور الدولي KLA المتوّج بلقب أفضل مطار من منظمة "إياتا" ومجلس المطارات العالمي لعدة أعوام ولم يزل.. إذ تأخذك أناقة هذا المطار باستقبال يحظى بانسيابية تسبقك في كل اتجاه بانحناءة ماليزية تعد أهم واجهة "إنسانية" وبناء لتنمية أي مطار في العالم!. الخليجيون والسعوديون تحديدا بدأت مؤخرا هجرتهم السياحية نحو ماليزيا، وعُرفت بأنها وجهة العرسان والأسر المحافظة؛ لتميز أجوائها الاجتماعية للعائلة السعودية، واكتملت لديهم أسباب القناعة باختيار هذه الدولة الأنيقة الساحرة والمسالمة شعبا وطقوسا، إذ أظهرت إحصاءات وزارة السياحة الماليزية مؤخرا أن عدد السعوديين فقط الذين زاروا ماليزيا عام 2012 بلغ 150 ألفا و771 زائرا، ويتوقع زيادة أكبر لهذا العام، إذ لا تتوقف عند حميمية وتشابك أيدي "العرسان فقط"، بل إلى مساحات أكبر من العائلات والأطفال. في ثقافة سفرنا نجد نظرة مفروضة داخل خارطة سفر ذهنية تتمركز في كل بلد، فتجدنا كسرب من النمل يجر بعضه البعض طوال الرحلة نحو نقطتين في الغداة والآصال، فبين السوليدير والشانزليزيه وإدجوار رود.. إلى شارع العرب في كوالالمبور (Bukit Bintang) ليأتي في مقدمة المزارات كشارع ليلي حيويّ مزدحم بالمارة ومحلات المساج، يميزه وجود بعض المطاعم العربية وبعض الفنادق والأسواق المكرورة، فاختلفت الآراء حوله من ناحية استحقاقه لهذه السمعة وأهمية زيارته أو حتى السكن به، ولكن يبقى تميزه في "بحلقة" العربان لبعضهم البعض، ومفاخرة بين أطول لي شيشة وأكبر صحن كبسة!، يقول عنه الإعلامي الأنيق جمال الدوبحي: "ماليزيا تختصر لك ثلاث حضارات وأكثر في بلد واحد... ومعظم السياح العرب يضربون بهذه الحضارات عرض الحائط ويتجهون إلى شارع العرب في كوالالمبور المعروف "بوكيت بينتانج"... لماذا؟ هل ليتعرفوا على ثقافتهم؟... مع أن شارع العرب في ماليزيا لا يشرف العرب!. سياحنا في ماليزيا لا يتعدون زيارة مدينة كوالالمبور وجزيرتي بينانج ولنكاوي.. وبهذا أجزم أن كل من أتى إلى ماليزيا ولم يزر سوى تلك المناطق فهو لم يزرها، وقد فوت على نفسه سحر ماليزيا الحقيقي، ومن هنا لعلنا نربط الحزام معاً لنقلع في رحلة سريعة إلى كثير من المناطق الزاهية التي لا يعرفها الكثير، ولنبدأ من ولاية "صباح" حيث جزر تانجون أرو، لايانج، تيجا بارك والسلاحف، وشواطئ بالوك وبيساره وشريتنغ، وشرقا تنطلق إلى ولاية "سراواك" لتنضم إلى متعة متنزه باكو القومي، وشواطئ سانتو، وبجانبها ولاية "ترينجانو" صاحبة بحيرة كنيار، وجزيرة كاباس وتنجول وبرهنتيان، وعاشر ملكة جمال جزر العالم جزيرة "ريدانج" التي يزورها الآلاف من كل دول العالم سنويا، أما في الجنوب نحو ولاية "جوهور بارو" فيبهرك فيها أكبر مدينة ملاه في آسيا وعالم "باتو باهات" المائى، وجزيرة سيبو، وميناء مريسينج، وشواطئ ديسارو، وجزيرة تيومان ، وفى ولاية "بيراك" تجد منتجع وملاهي بوكيت ميراه وجزيرة بانكور لاوت، بانكور، وسمبيلان، ومرفأ لوموت..! أجمل مناطق ومدن العالم السياحية غير مشهورة لدينا ولا يعرفها قاموسنا أو مكاتبنا السياحية وناقلنا الوطني، لا نريد أن نتعرف عليها، نريد أن نقلد أو نتبع كيفما اتفق، تلك حقيقة طريقة تفكيرنا وثقافتنا في السفر وربما لدى البعض في غيره كجزء لا يتجزأ من خارطتنا الذهنية.. السفر فن جميل وغاية خلابة لمن يريد أن يعرف أهمية الحياة والوقت والجمال فقط!.