عبد الله باجبير - الاقتصادية السعودية من الظواهر الجديدة التي اتسم بها عصرنا الحالي ظاهرة التجسس المعلوماتي التي تجاوزت التجسس بالكاميرات وبأجهزة التنصت على الهاتف إلى التجسس على طريقة الإنسان في التفكير، وبالتالي تصرفاته ومن ثم يسهل التعامل معه. من هنا لم يعد هم المعلوماتية الأول اليوم هو تسهيل عيش الإنسان في القرن الحادي والعشرين، بل أصبح همها الأول هو جمع المعلومات عن الناس لأغراض عديدة. منذ دخول الإنترنت والأنظمة المعلوماتية إلى حياة الناس، نشأت بسرعة شركات مهمتها البحث عن المعلومات وتجميعها وبيعها، وتبدأ الحكاية من لحظة قيام الإنسان بتأسيس عنوان بريد إلكتروني، وللحصول عليه يلزم تعبئة استمارة معلومات إلكترونية عن الاسم وتاريخ الميلاد والبلد والجنس، وانتهاء بتحديد المواضيع التي يرغب أي شخص في الحصول على معلومات عنها، ومن ثم تكون هذه بداية كافية لشركات تجميع المعلومات لأن لديها معلومات أساسية تشبه بطاقة الهوية، ثم من داخل شركات تجميع المعلومات هذه تبدأ قصة متابعتها لنا واستكمال المعلومات عنا، فأثناء البحث على الإنترنت هناك من يتابعنا منذ دخولنا الموقع وهو قادر على تحديد الدولة التي تنطلق منها وتحديد الكمبيوتر الذي نستعمله، وذلك من خلال رقم تعريفي زود به جهازنا، كما تتم أيضا متابعة المواقع التي نتفحصها ومحاولة معرفتنا وفهمنا أكثر فأكثر، فإذا كنت من الباحثين عن الصحف فهذا معناه أنك مهتم بالأخبار، ومن هذه النقطة تحاول شركات تجميع المعلومات تحديد نوعية الأخبار التي تهمل كالاقتصاد أو الثقافة.. وهنا يبدأ التعرف على اهتماماتك الفكرية. أما إذا كان الباحث على الإنترنت يركز دوما على مواقع دينية فسيفهم المتتبع أن لديه ميولا دينية قوية سيحاول تصنيفها، وفي حال ذهبت "فأرة" الكمبيوتر نحو مواقع الدردشة أو البحث عن شريك فإن المتتبع يحصل على معلومات أكثر عن رغباته، وكذلك إذا حاول الباحث التبضع عبر الإنترنت. من ناحية أخرى، فإن موقع الإنترنت للتبضع الذي نشترك فيه يستطيع أن يعرف عنا على الأقل المعلومات الآتية.. البريد الإلكتروني، الجنس، حجم الاستهلاك، الدخل، العمر، القدرة الشرائية، نوعية المحيط الذي نعيش فيه (الحي أو المدينة)، المستوى العلمي، الوضع العائلي، وأرقام الهاتف والفاكس ورقم بطاقة الائتمان، وكل هذه المعلومات تعد سلاحا في يد من يمتلكها، ويمكنه خرق خصوصيتنا وبيع الآخرين معلومات عنا. وإضافة إلى ذلك هناك عناصر إلكترونية تدخل إلى جهاز الكمبيوتر وتتمركز في أماكن لا يمكن رؤيتها إلا بواسطة الخبراء أو المتخصصين في هذا المجال، ومن هذه العناصر ما هو شرعي ومنها ما هو غير شرعي.