المواطن الكوري الشمالي يعيش حياته بسعادة وفرح مثلما هو حال الكثير من مواطني دول العالم، إن لم يكن المواطن الكوري الشمالي أسعد من غيره، فالكوري الشمالي يعيش حياته دون تعقيدات الحياة الحديثة، ودون إغراق في الكماليات والتفاصيل، ودون إزعاج نغمات الواتساب، هذا ما تذكره التقارير الصادرة من البلد هناك والتي يصدرها الجهاز الإعلامي المسيطر بالكامل بالدولة، فإن كانت السعادة قيمة عليا من القيم التي يسعى المجتمع إلى تحصيلها، فالشعب الكوري الشمالي يعيش بسعادة متناهية، ومن الممكن تماماًَ الاستفادة من تجربة هذا الشعب والعيش بطريقته. في برنامج لا تخبروا والدتي، وهو برنامج وثائقي يقوم مقدمه في كل حلقة بزيارة دولة من دول العالم واكتشافها، قام المقدم بزيارة إلى كوريا الشمالية مستغلاً فترة الاحتفالات بتأسيسها، وما لاحظه المقدم خلال زيارته الممتدة لثلاثة أسابيع، أن الجميع هناك يعيش بسعادة ورضا من طريقة إدارة الدولة، وبأن الشعب الكوري الشمالي لا يواجه أي مشكلة مع تحكم الدولة بأجهزة الإعلام ،وبأن الشعب لا يتذمر من الرقابة الأمنية على جميع نشاطات التواصل، وطبعاً يجب القول إن طوال زيارة هذا المقدم لكوريا الشمالية كان يرافقه اثنان من الحكومة يلازمانه ملازمة كاملة كظله. ذكرت في بداية المقال أن المواطن الكوري الشمالي يعيش بسعادة لأنه لا يعيش تعقيدات الحياة الحديثة وحسب، بل أعتقد أن سبب سعادته بشكل أدق هو غياب الحقيقة عنه، فهو يتوهم أنه يعيش أفضل وأحسن من غيره من جميع مواطني دول العالم، وبأن غيره في المعمورة يحسده على ما لديه من النعيم ، و حتى عندما عمت المجاعة كوريا الشمالية في نهاية القرن الماضي ومات فيها قرابة المليوني شخص، لا يزال المواطن الكوري الشمالي يعتقد أن سبب المجاعة هو تآمر العالم عليه وليس بسبب سياسات حكومية غبية. وهذا كفيل بأن يعيش الكوري الشمالي حياته برضا تام يغمره شعور بالسعادة والهناء. فالحقيقة قد تكون صادمة قاسية مؤلمة، ويحبك كثيراً من يخفي عنك الحقائق .