غضب «الوسيمون» في السعودية من عدم اعتبارهم مثيرين للفتنة، وبالتالي إبعادهم إلى مقار البعثات الديبلوماسية السعودية، حماية للشقائق السعوديات، كما غضبت بعض السعوديات المراد حمايتهن من الإماراتيين «الوسيمين» باعتبارهن «خفيفات»، وبقية صغيرة منهن غضبت أن فاتهن المنظر على الطبيعة، بالفعل شر البلية ما يضحك! أبلغ تعليق قرأته يوم أمس على خبر صحيفة «الحياة» عن استبعاد ثلاثة إماراتيين وسيمين من الجنادرية خشية على السعوديات من الفتنة هو ما كتبه عبدالرحمن الطريري يقول: «تخيل أن لك صديقاً إماراتياً وسألك: هل صحيح أن نسائكم لا يتحملن مشاهدة أي شاب وسيم؟، وهو ما لا يخرج عن تفسيرين، إما أن الرجال السعوديين غاية في القبح، أو أن النساء السعوديات غاية في الشهوانية، وكلاهما بالطبع غير صحيح». الخبر يقول إن متشددين طلبوا من مسؤولي جناح الإمارات ذلك، وكعادة الإماراتيين في الذكاء الاتصالي الجماهيري الذي سبق وكتبت عنه، وقدراتهم على قراءة الأحداث وتأثيراتها الإعلامية، فقد استجابوا للطلب لأنه سيحقق لهم مكاسب دعائية تنعكس كالعادة على اقتصادهم الذي ينجحون يوماً بعد يوم في تقليص اعتماده على النفط. المكسب الأول أن مشاركتهم في «الجنادرية» باتت أشهر من المهرجان كله، فحادثتان خلال ثلاثة أيام سلطت الضوء الإعلامي عليهم، وضاعفت عدد الزائرين، فحققوا دعاية لو أنفقوا ملايين الدولارات فلن يحصلوا عليها. المكسب الثاني أنهم بدوا في موقع المؤدب الذي يحترم رغبات رجال الدين، وليس تعاليم الدين، واحترموا عينة من مضيفيهم ولبوا طلبهم على وجه السرعة، وثالث المكاسب أن تكريس هذه الفكرة سيسوق لبلادهم وشباب بلادهم بين نساء العالم، وستذهب كل باحثة عن «وسيم» حد الفتنة إلى الإمارات بحثاً عن عريس المستقبل الخليجي الثري الوسيم الهادئ الطباع المؤدب بآداب العرب، وفي هذا جذب سياحي وتسويقي عظيم. آخر المكاسب أن الفرصة تتأتى لهم وهم مجتمع محافظ لا تظهر فيه الكثير من نسائهم «متبرجات»، ليثبتوا أن لديهم جمالاً لدى الجنسين، فهؤلاء الوسيمون إما يشبهون آباءهم أو أمهاتهم حفظهم الله، بينما الوجه النسائي الأكثر شهرة لدينا هو للمطربة أحلام، وهو كان مقياسنا للجمال الإماراتي. نكن كل التقدير والاحترام للإماراتيين بلا شك، وأتمنى أن يكون الخبر غير دقيق، أو تظهر له تفاصيل أخرى، لأنه مؤلم حد القرف أن بين ظهرانينا من يضع نفسه موضع النساء ويعيش أجواء أحلامهن وخيالاتهن الجنسية، ثم يتصرف بناء على هذه الهواجس المرضية، ويكرّس فكرة هي عماد عرشه الاجتماعي وسبق أن تحدثت عنها، ومفادها أن يتمحور اهتمام الناس حول البطن والفرج، وأن يدير هو هذه الشهوتين في الأطر التي يضعها. بقي أن أسأل، هل كان طلب المحتسبين بناء على تركيزهم البصري والجسدي على هؤلاء الثلاثة، أم بناء على تركيزهم البصري والجسدي أيضاً على من فتن بهم؟ وفي الحالتين كان الأولى أن يغضوا البصر ويطهروا قلوبهم.