تختصر الحضارة بثلاث كلمات: الإبداع الصيانة التطوير. كما أن المفكر الجزائري رأى في الحضارة جانبين؛ (تركيب) فشبهها بجزيئات الماء من هيدروجين وأوكسجين تجمع بينهما شرارة. قال -رحمه الله- الحضارة ثلاثة مركبات (إنسان + تراب + وقت) والشرارة هي الروح الأخلاقية من دين وفكرة سامية، وبالتالي رأى أن الحضارة يمكن أن تنبثق في أي مكان. كما رأى في الحضارة (وظيفة) وهي توفير (الضمانات) للأفراد الذين يعيشون في كنفها. حين رأى الرقاصة في باريس كيف تبرع لها الرهط من القوم بوافر المال قال حظوظ الإنسان من المجتمع الذي ينتسب له. فمن ركب حماراً وجملاً أخذ سرعة الجمل. ومن ركب سيارة مرسيدس أخذ سرعتها. هذا إذا توفر لها الطريق المسفلت. قبل أيام قرأت في جريدة «الشرق» عن بدوي ركب الجمل من الطائف حتى حائل في 16 يوماً. قلت هكذا الناس كانوا يعيشون وإلى أين وصلوا؟ مع هذا فالحضارة ليست شراء الأشياء؛ بل هي ثلاث وظائف جوهرية (الإبداع) و(الصيانة) و(التطوير). عملت في مشفى النماص في عسير قبل 25 عاماً. كان السكن ألماسة يكاد سنا برقها يذهب بالأبصار. رجعت لها بعد ربع قرن. أصلحوا لي نفس الفيلا التي كنت فيها من قبل على وجه السرعة لأنزل فيها؛ فعرفت أن قرود البابون لا تقدر على السكن فيها؛ فغادرتها على عجل، وشكرتهم وأنا حزين، وسكنت بالأجرة في مارينا لؤلؤة النماص. حزني كان على عنصر الحضارة الثاني الصيانة. ولكن من يصون؟ وكيف؟ قالوا إنهم بصدد صيانة شاملة بكلفة عشرات الملايين وكانت صيانتها ستكلف عُشر معشار هذا المبلغ.. دعنا نتفاءل..