نجحت صحيفة "الحياة" أمس في الحصول على تعليق هيئة حقوق الإنسان الحكومية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الأهلية على توجه هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات لفرض رقابة على بعض التطبيقات مثل الواتس أب. خطاب الهيئة والجمعية، نموذج للمقارنة بين خطاب ناعم، أملس ومائع أيضا، وخطاب أكثر وضوحا وقوة ومنطقية. خطاب هيئة حقوق الإنسان الناعم، جاء على لسان ناطقها الإعلامي الذي قال إن الهيئة ستناقش الهيئة وتستعلم منها عن "مسوغات" القرار. يقابل هذا الخطاب المائع خطاب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على لسان الدكتور صالح الخثلان المتحدث الرسمي باسم الجمعية، الذي اختصر المسألة بمنتهى الوضوح، إذ قال إن هذا يعد خرقا للاتفاقيات والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعت عليها المملكة. ما زال العاملون في هيئة حقوق الإنسان، يعملون بمنطق وسلوك الموظف، الذي يهتم بتمييع الأمور وتحويل مهامها من هيئة تهتم فعليا بحقوق الإنسان، إلى مجرد إدارة علاقات عامة تدافع وإن بطريق خفي عن قرار اتخذه هذا المسؤول أو ذاك. ولا أظن أن القيادة في بلادنا، حينما أنشأت هيئة حقوق الإنسان، كانت في حاجة إلى مثل هذا الصوت الناعم، بل كانت تريد صوتا يعبر قولا وعملا عن حقوق الإنسان، وأعطتها صلاحيات كبرى، تصر الهيئة على عدم الاستفادة منها. خطاب الناطق الإعلامي في هيئة حقوق الإنسان مثير للإحباط، وهو يجعلنا نشعر أن الهيئة تتحدث من داخل الهيئة، أقصد أن هيئة حقوق الإنسان لا يختلف خطابها عن هيئة الاتصالات التي تتوسل بالخطابات الناعمة لكنها في النهاية تنفذ ما تريده. لقد أصبحت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تمثل في وجهة نظر العاملين فيها على الأقل دور: البطل الصامت. سواء في قرارها الخاص بمنع شركات الاتصالات من تقديم ميزة التجوال الدولي، ومرورا بمطالبة شركات الاتصالات بإعطائها حلولا لمشكلات برامج المحادثة والتواصل أو الحجب. هذا طبعا يذكرني بمقترح طرحه أحد الكتاب منذ بضعة أيام بأن يتم ربط "تويتر" والدخول عليه برقم السجل المدني. هذا الكاتب يصلح أن ينضم إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بطريقة تفكيرها الحالية.