في كل ذكرى سنوية لغزو القوات «الأميركية والبريطانية والأسترالية» للعراق يتزايد عدد المعترفين بخطأ الغزو والاحتلال من أميركيين وبريطانيين، غالبيتهم خارج دائرة القرار لحظة الاعتراف. آخر المعترفين هو أحد كبار مهندسي الغزو والاحتلال نائب وزير الدفاع الأميركي في ذلك الوقت بول وولفوفتز الذي قال في لقاء صحافي أخير إن إدارة جورج بوش الابن وهو أحد أركانها «تسببت في أخطاء فادحة جرّت العراق إلى دائرة من العنف ظلت تتفاقم حتى أصبحت خارج نطاق السيطرة». والاعتراف بالأخطاء لا يعني اعترافاً بالذنب، بل هو إشارة إلى خلل في الأسلوب والإدارة لا غير وعند هذا الحد. إبان الغزو والقصف المركّز على بغداد وتجربة أحدث الأسلحة الفتاكة على رؤوس العراقيين، كنت ممن يكتب ضد الغزو والاحتلال وسط أجواء رمادية، حتى أن صحيفة رفضت نشر مقالة لأنها تعارض وتنتقد نهج وسياسة رئيس صحيفة أخرى من مشجعي الغزو ومسوقيه. بل إن أحد «مراكز» الدراسات قام بتحليل مقالات لكتاب سعوديين، فلاحظ «فخامة المحلل» أن لي مقالة تتعاطف مع نظام صدام حسين! لم يكن الشعب العراقي أو العراق البلد العربي وإنسانه في الأذهان ولا على البال والخاطر عند ما وصف بالدراسة والدارس! أنت مع أو ضد، سياسة بوش الابن نفسها. أتوقف دائماً عند مستثمري الموجات، أساتذة الاستثمار، لا شك في أن لهم رأياً آخر الآن أو موقفاً آخر يجري درسه وربما بيعه. مع اعتراف رموز الحملة المدمرة على العراق بالأخطاء لم نجد عربياً واحداً من المارينز العرب يعترف بخطئه، أستغرب ذلك خصوصاً أن أكبر المستفيدين من غزو العراق وتحطيمه مثل نوري المالكي وغيره ممن جاءت بهم الدبابات الأميركية ينتقدون الغزو والاحتلال، مع أنهم لم يتسنموا السلطة إلا بواسطتها وحمايتها وتدريبها لميليشياتهم. الغرب ممثلاً بأقطابه الثلاثة أميركا وبريطانيا التي انزاحت قليلاً لتتقدم فرنسا الدور، هم يعترفون بخطأ الأسلوب فقط، لكنهم مستمرون في الغزو، ومثلما كانت هناك طلائع احتلال كالجلبي والمالكي في غزو العراق ثم السيطرة عليه، هناك أمثال لهم في العالم العربي ينتظرون، ما تغيّر هو الأسلوب والأدوات والشعارات فقط لا غير.