قلت في مقال سابق إنني أقترح أن تُنشأ جائزة نسميها جائزة المدينة الخلاقة ونمنحها أول مرة لمدينة عنيزه. هذه المدينة التي كلما بحثت عن بداية شيء حقيقي لدينا وجدته بدأ منها: التعليم النظامي في المملكة، وتعليم البنات، وأول المبتعثين والمربين من نجد، وأول العائدين لاستلام المناصب القيادية والوزارات. وقلت، أيضا، في ذلك المقال إن عنيزه أتت عنيزة بما لم تأت به مدن أخرى: مجموعة بنات شاطرات ينشئِن مصنعا بسيطا للفحم ليغطي حاجاتهن وحاجات أسرهن من مصاريف الحياة، بدل تكفف الوظائف والوقوف على بوابة حافز. واليوم تعود هذه المدينة المبدعة والسباقة إلى الواجهة نسائيا بعد أن تداول الناس خبر تجاوز مجموعة من سيداتها النظرة التقليدية لعمل المرأة في مجتمعهن، حيث بدأت كل واحدة منهن في مزاولة وظيفتها في خدمة الغرف وطهي الطعام بأحد الفنادق الريفية هناك. وقد أثبت التقرير الذي بثته قناة «العربية» مدى الاستقرار الوظيفي الذي تتمتع به هؤلاء الموظفات في عملهن الحالي في الفندق. وهذا يعني أنهن سعيدات بالاكتفاء الذاتي الذي يحققه لهن دخل ثابت من مجهودهن الشخصي الكامل وليس تكففا على أبواب الجمعيات الخيرية أو الوقوف في طوابير حافز. والأهم الأهم أن الفرص بالكوم للمرأة السعودية متى خططنا ودبرنا وابتعدنا عن مظان الشبهات وأبواب الذرائع التي منعتها لعقود من أن تستغني بنفسها ورزقها الذي كتبه الله لها. خذوا من هؤلاء السيدات (العنيزاويات) الرائعات قدوة وتعلموا احترامهن كما يجب أن تتعلموا الثقة بقدراتهن في زمن صار فيه الرزق مطلبا ملحا للمرأة مثل الرجل، سواء بسواء.