كنتُ أتأمل ابتسامة صغيرتنا "رهام" المشرقة في كل تلك الصور الجميلة التي نشرتها الصحف؛ وفي المقاطع المصورة وهي تطلب منّا الدعاء شفاها الرحمن وألبسها ثوب العافية وفي كل مرة أتأمل ابتسامتها أتخيل أني أحتضنها كابنتي وأتساءل: لو كنتِ يا صغيرتي تُدركين ما ألم بك! لو كنتِ تعرفين أن حياتك باتت على كفّ عفريت "الإيدز" الذي نقلته لك كفاءات وزارة معنية بصحة المواطنين لا بإمراضهم، لو كنتِ تعرفين كيف بات قلبا أمك وأبيك الآن متوجعين وهما يريان زهرتهما تعاني بلاءا خطيرا سيغير كل طقوس حياتهما!! لو تدركين كل ذلك هل كنتِ ابتسمت في وجهه وأنت تأخذين الهدية الرخيصة جدا أمام ما تعانينه! تُراكِ هل ابتسمتِ في تلك الصورة البريئة التي أسعدك نشرها؟ تراكِ هل أخذت الهدية المتواضعة جدا أمام ما ألم بكِ حبيبتي الصغيرة!؟ أتراه العوز يصل إلى هذا الحد من الوجع كي يجعل من أمنيات صغيرة هامشية ك"الآيباد" سببا لتحمل بلاء ك"الإيدز" يتسبب به إهمال مسؤولين عن صحة الإنسان في هذا البلد العظيم في موارده وإنسانه! يا الله لو كانوا اهتموا بتلك الأجهزة المعنية التي تصنع فارق الحياة والموت في أجسادنا كما يهتمون بما يرتدونه من ملابس وأحذية وساعات ذات علامات عالمية ثمنها أضعاف مضاعفة لقيمة ذلك "الآيباد" الذي أسعد قلبك يا صغيرتي! لكنها هي أحلام البسطاء أحيانا تكون أرضا خضراء لمن يمتلكون القدرة على تحقيق أعلى سقف لأحلامهم! كنتُ أتساءل وسؤالي أضعه على طاولة ضمير وزارة "الصحة": هل ارتاح ضميركم وأنتم تشاهدون ابتسامة بريئة جميلة فرحة بذلك الاهتمام في قلب طفلة لا تعرف معنى "الإيدز"؟ هل يكفي فصل ذلك الفني الموظف الذي يعول أسرة من الأيتام والذي صرح بصحيفة الشرق أنه ضحية ضعف الأجهزة وقلة الموظفين في المختبر والإرهاق الذي يعانيه وزملاؤه كي توفر الوزارة "كم قرش" تذهب في مشاريع لا نراها على أرض الواقع بل في كلام الصحف!! وهل ستستطيعون بعد اليوم النوم وأنتم تشاهدون أطفالكم يضحكون من قلوبهم وتدركون الفرق بين ضحكاتهم وبين تلك الابتسامة التي حين تُدرك صاحبتها حقيقة "الإيدز" ستتحول لبكاء مدى الحياة! كلنا مؤمنون بالقضاء والقدر، ولكن حين يقتل أحدهم شخصا فهو قضاء وقدر وحين يسرق أحدهم بيتا فهو قضاء وقدر، وأي جريمة تحدث هي قضاء وقدر، ولكن القضاء والقدر لا يُسقط العقوبة عمن أجرم! وموظفو الوزارة أجرموا جريمة نكراء هي ليست الأولى فضحاياها نقرأ عنهم باستمرار، وبدلا من "الآيباد" على الوزارة تحمل كافة مصروفات علاج رهام مدى الحياة في الخارج وتعويضها بمبلغ ليس بالآلاف التي نسمعها بل بالملايين! ربما تكف ابتسامة هذه الطفلة عن ملاحقتكم! أقول ربما إلا إذا كانت الضمائر ميتة، فلا أقول حينها إلا: على الدنيا السلام!