يُعلِّق أحد المواطنين في بريدة على تعثُّر تنفيذ طريق الملك عبد الله بقوله: “أظن أن هذا الطريق سيكون من نصيب أحفادنا"، هذا المواطن الغيور على المصلحة العامة لخَّص المشكلة في هذا التعليق الساخر القصير والبليغ، وكأنما يخفي خلفه صوراً كثيرة من صور تعثُّر المشروعات الحكومية في أكثر من منطقة ومدينة من بينها بريدة، إذ لا تزال صورة تنفيذ مشروع طريق الملك فهد والذي استمر تشييده أكثر من عشر سنوات ماثلة أمام أهلها، ويخشون أن تتكرر هذه الصورة المملة في هذا المشروع العملاق، ومع التعثُّرات المستمرة تُقتل الآمال والطموحات حتى يشيب الوليد دون أن يدرك مناه. وبحسب أمانة منطقة القصيم، فإن طريق الملك عبد الله في بريدة يُعتبر شرياناً رئيساً وهاماً يربط جنوبالمدينة بشمالها، ويُعد أحد أهم وأكبر المشروعات التي تعمل أمانة القصيم مشاركة مع وزارة النقل على تنفيذه، وتشير التوقعات إلى الحصول على مردودات اقتصادية وبيئية ومرورية بعد تشغيله فور الانتهاء منه، وسيخفف الضغط على بقية محاور المدينة، ويبلغ طوله 25 كم تنفذ منه الأمانة 18 كم والباقي من مهام وزارة النقل وتتولى تنفيذه أربع شركات وطنية، ويشتمل على 11 تقاطعاً بعضها لم يعتمد حتى الآن ومعظمها لم يُنفذ. الغريب أن مدة تنفيذ الطريق المعتمدة خمس سنوات ومضى حتى الآن أربع سنوات ولم يتم الانتهاء سوى من مرحلة واحدة فقط من مراحله الخمس، ما يشير إلى أن المشروع إذا أُهمل يسير بهذا الرتم البطيء، فإن سنوات أخرى سيقضيها الناس في انتظار ساعة الإنجاز رغم أن أربع شركات ضخمة تنفذه، وهذا من غرائب هذا المشروع، ما زال كثيرٌ من الأملاك غير محررة، والعمل متوقف في التقاطعات الرئيسة، أي أن المشروع بكامله مصاب بالشلل الرباعي، ليُضاف لجملة مشاريع الطرق الداخلية المتعثرة في بريدة مثل الدائري الداخلي المتوقف من 25 سنة بتبريرات بيروقراطية تكشف عن سوء التخطيط وضعف المتابعة. تعثُّر المشاريع في بريدة وعلى مدى سنوات طويلة مضت وإلى اليوم لم يعد سراً خافياً، فسمو نائب أمير المنطقة الأمير الدكتور فيصل بن مشعل أكد وبشفافية يُشكر عليها في تصريحه للجزيرة يوم الثلاثاء الماضي كل الحقائق حول تعثر مشاريع المدينة، ولم ينف سموه ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية الأمر الذي أدى إلى ضعف الإنجاز، وكشف سموه عن وجود عوائق كثيرة، واعداً في ذات الوقت بتذليلها. هذا بالفعل ما يتمناه سكان بريده، فتأخر المشروعات أدى إلى إغلاق طرق كثيرة وتقاطعات هامة وعزل أحياء عن أخرى، وتحويل الحركة إلى أقل عدد من الطرق، لتنتشر التحويلات وتختنق المدينة، لذا فالاستعجال في تنفيذ طريق الملك عبد الله والطريق الدائري ضرورة مُلحة يفرضها واقع المدينة الحالي مع زيادة الضغط السكني والتمدد العمراني. الأمر يحتاج إلى الحصول على بقية الاعتمادات من المالية لتحرير الأراضي التي يمر فيها الطريق، وتنفيذ المراحل المتبقية، وهو الإجراء الذي كان يجب أن يُتخذ قبل بدء التنفيذ، ولأن هذا الإجراء المنطقي لم يتخذ، فلا بد من المسارعة في معالجة الخطأ وإنجاز المشروع في أقرب وقت.