كان الرجل الطاعن في السن متذمراً في إحدى الدوائر الحكومية من حجب المعلومة الخاصة بمعاملته عنه، رغم أن الأمر لا يعدو كون مراجعته روتينية، أثارني بقوله وهو متأثر ان أهم القرارات الحساسة والهامة أصبحت تتسرب على الإنترنت وأن زمن كتمان المعلومة انتهى, وهو يتألم لعدم معرفته بمعاملته التي يراجع من أجلها، كلام الرجل أثار فيّ الفضول بالفعل، فرغم تهافت السعوديين بمختلف مستوياتهم الثقافية والتعليمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الإعلام الجديد، نجد أن ثقافة التعامل مع هذه التقنيات الجديدة والمتطورة مازالت دون المستوى المأمول، حتى للأسف من الكثير من كبار الإعلاميين والمثقفين الذين أصبحت لهم صولات وجولات ومتابعين بمئات الآلاف. حيث لاحظت مؤخراً أن تفشي المعلومة السلبية هو المحور الأهم بما يتداوله الكثيرون، خصوصاً عبر موقعي تويتر والفيس بوك، فغدت الشائعة هي الأكثر تداولاً وجذباً من الكثيرين، وسبق أن نبهت والكثير من الكتاب لهذا الخطر وخصوصاً المتعلق بالنواحي الاجتماعية والأمنية، فنجد في أحيان كثيرة غياب الرأي الرسمي بهذا الخصوص والمتوافق مع هذه الوسائل، ولكن لو تتبعنا للشائعة التي انطلقت على جريدة الرياض قبل نحو أسبوعين، وبشكل كبير وبدعم الكثير من الأسماء المشهورة في موقع تويتر، نجد التعامل المهني والسريع من مسؤولي الجريدة الذي ساهم في كشف كذب هذه الشائعة وفي وقتها وبشفافية وبتصريح رسمي على لسان نائب رئيس التحرير، وهذا الأمر المفترض أن تحذو حذوه الكثير من أجهزتنا الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالمواطن. ولكن الأمر المحزن والمثير للاستفهام أن الكثيرين ممن ساهم بنشر هذه الشائعة عبر خاصية "الرتويت" على مستوى "تويتر" لم يكلف نفسه وبتجرد من المهنية بالقيام بنفس العمل مع توضيح وشفافية الرياض الجريدة، وهذا الأمر الخطير في ثقافتنا مع هاجس المصداقية للبعض ودفن رؤوسهم بالرمال أمام متابعيهم عندما ينقلون الأمر الخطأ! ففي تعاملنا مع وسائل الإعلام الجديد من مواقع إلكترونية ومواقع تواصل اجتماعي مختلفة نحتاج للمصداقية في المقام الأول، فمتى ما وجد المتابع أن الحقيقة غائبة والشائعة والكذب هما الباقيان فقط، لن تدوم المتابعة بالطبع. فنحن في عالم متغير يظهر كل صباح بمفاجأة جديدة ومذهلة، فبعد أن تعلمنا ثقافة 140 حرفاً في تويتر، ها نحن نعيش وبذهول أكبر أمام ال 36 ثانية من الفيديو المصور، عبر خدمة الكييك ودون الحاجة لمونتاج أو إضافات أخرى، كما حاول البعض للأسف عند التعليق لما حدث للخادمة الأثيوبية المتعرية بأحد شوارع الرياض! ودمج أدوات التواصل الاجتماعي ببعضها وبسرعة فائقة لهدف الشائعة وحدها دون أي رادع ديني أو أخلاقي للأسف!