في 30 تشرين الأول (أكتوبر) 2008 نشر موقع القناة الإخبارية الشهيرة bbc خبراً طريفاً عن مطالبة شخص، يُوصف بأنه «دكتور وعالم دين سعودي»، للنساء بتغطية وجوههن بنقاب له عين واحدة بدلاً من اثنتين، وبرر ذلك الواعظ أو المطوع، «سموه ما شئتم»، مطالبته الغريبة بأن إظهار المرأة لعينيها الاثنتين من النقاب قد يشجعها على تزيينهما، وبالتالي إثارة الغواية! قبل ذلك بسنة واحدة تشمت «الدكتور الواعظ» نفسه أيما شماتة بالإعلامية السعودية القديرة «ريما الشامخ»، التي أصيبت بعارض صحي أثناء تقديمها أحد البرامج على شاشة التلفزيون السعودي، ونشر عنها في موقعه على شبكة الإنترنت (الموقع محجوب حالياً)، مقالاً ناضحاً والتضليل، قال فيه: «مرت علينا حوادث لأناس أظهروا ما يقبح إظهاره ويشين فعله ويحرم ارتكابه وحملوا على عواتقهم دعوة الناس إلى ما يغضب رب الناس ويفرح الوسواس الخناس، كانوا يخرجون علينا في أزمان متفاوتة عبر وسائل الإعلام بأفعال مقبوحة، ومشاهد ممجوجة بكل تبختر وكبرياء وصلف وخيلاء، ويغالطون فيها الحقائق، ويخادعون الخلائق، وربنا جل في علاه يمهل لهم لعلهم يتوبوا ويعودوا إلى رشدهم ولكن من دون جدوى». وأضاف متطاولاً على سمعة سيدة فاضلة يفخر بها وطنها: «إن ما أصاب المذيعة السعودية ريما الشامخ، التي أخذت على عاتقها تقديم نموذج سيء عن المرأة في هذه البلاد من خلال برامجها في التلفاز عبرة»، وبالطبع، من يقرأ مثل هذه الهرطقة قد يتصور أن «الدكتور الواعظ» يتحدث عن ظهور امرأة في قناة مشفرة للراشدين في أوروبا، وليس عن ظهور مذيعة محترمة وسيدة سعودية فاضلة في أكثر قنوات التلفزيون محافظة في العالم «القناة السعودية». دارت بعد ذلك الأيام، ودشن «الدكتور الواعظ» قناته التلفزيونية الخاصة ليبث منها تطرفه للعالم، وما هي إلا أشهر حتى أغلقت بأمر رسمي بعد أن تبين بشكل جليّ أنها قناة كارثية تنشر الكراهية والسموم في أي مجتمع سوي، وحُجب أيضاً حينها موقعه على شبكة الإنترنت بعد نشره مجموعة من الفتاوى والبيانات التكفيرية، والتحريضية ضد كل شيء يخالفه على وجه الأرض. ولأن أي مضطرب أنه وصي لله على العباد يلقي من يشاء منهم في النار، لابد أن يُفضح وتُكشف أوراقه في يومٍ ما، فقد بعثر ناشطون على شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» قبل أيام أوراق «الدكتور الواعظ» حين اكتشفوا بالمصادفة أن حرف الدال الذي يسبق اسمه «وهمي» ومُشترى بالمال، بل تبين ما هو أفظع، إذ كشف موقع إحدى الجامعات «الوهمية»، التي تبيع الشهادات الأكاديمية المزورة عبر «الإنترنت»، أن الواعظ إياه اشترى منها شهادتين كرتونيتين، إحداهما «ماجستير» والأخرى «دكتوراه»، وبهذا تبددت ملامح الدهشة والاستغراب التي كانت تعلو وجوه العقلاء عند سماع فتاوى وتصريحات «دكتور النقاب الأعور»، فلا يمكن للعلم الحقيقي أن ينتج عقلية بهذه الظلامية إلا عينة من مجموعة كبيرة تبث السوداوية في المجتمع، ومصيرها أن تتحول إلى نماذج حية للتندر في يوم من الأيام.