صعد الداعية على المنبر ليلقي خطبة الجمعة بعنوان «فضائل مصر»، فأنصت المصلون للخطبة، وهذا قليل ممّا جاء فيها: «من شاهد الأرض وأقطارها والناس أنواعاً وأجناساً ولا رأى مصر ولا أهلها فما رأى الدنيا ولا الناس، هي أم البلاد وهي أم المجاهدين والعباد، هي بلاد كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغرية، فكم لمصر وأهلها من فضائل ومزايا، وكم لها من تاريخ في الإسلام وخفايا منذ أن وطأتها أقدام الأنبياء الطاهرين ومشت عليها أقدام المرسلين المكرمين والصحابة المجاهدين». و «سأخطب عن كوكبة العصر، وكتيبة النصر وديوان القصر، سأتكلم عن أم الحضارة وأم المهارة ومنطلق الجدارة»، لافتاً إلى أن الله تعالى ذكر مصر في القرآن وبيّن اسمها صريحاً في أربعة مواضع في كتابه، تشريفاً لها وتكريماً، ليس هذا فقط بل أشار الله تعالى إلى مصر ولم يصرح باسمها في 30 موضعاً في القرآن». و «لم يذكر الله تعالى قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل قال جل وعلا: «وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ» (القصص:7) يعني في نيل مصر. وأضاف: «نعم إنني أتكلم عن مصر وصى النبي (صلى الله عليه وسلم) الأمة كلها بمصر وبأهلها (...) «هاجر زوجة إبراهيم (عليه السلام) وهي أم إسماعيل جد نبينا (عليه الصلاة والسلام) هي مصرية من القبط، ومارية سرية رسول الله (عليه الصلاة والسلام)، وأم ولده إبراهيم هي مصرية أيضاً، ولم يكتف نبينا (صلى الله عليه وسلم) بمدح مصر وأهلها بل أمر بالإحسان حتى إلى أقباطها فقال (عليه الصلاة والسلام): «الله الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون عليكم عدة وعون في سبيل الله»، رواه الطبراني وصححه الألباني». ثم وجه خطيب الجمعة حديثه إلى أهل مصر قائلاً: «أيها المصريون: الإسلام فيكم وجد أعياده، وكنتم يوم الفتح أجناده، وكنتم عام الرمادة مداده، وأحرقتم العدوان الثلاثي وأسياده، وحطمتم خط بارليف وعتاده، وكنتم يوم العبور أسياده وقواده». وأضاف: «إننا لا نتحدث عن بلد عادي، إننا نتحدث عن بلد عظيم القدر، جليل الجناب (...) وأهل مصر يكفيهم شرف وفخر أن الله تعالى اختار منهم الأنبياء وجعل الله تعالى الأنبياء يسكنون بين ظهرانيهم، فهذا الخليل إبراهيم شيخ الموحدين، وأفضل المرسلين، وجد خاتم النبيين أتى مصر مع زوجه سارة وتزوج هاجر المصرية، وهذا يعقوب (عليه السلام) دخلها مع أبنائه الأنبياء فيها توفوا ودفنوا فيها، وهذا يوسف (عليه السلام) سكن مصر وحكم فيها وتوفي ودفن فيها، وهذان موسى وهارون (عليهما السلام) ولدا في مصر وعاشا فيها، وهذا يوشع ابن نون ولد في مصر وعاش فيها، وهذا الخضر، وهذا أيوب وأشعيا وأرميا (عليهم أفضل الصلاة والسلام) كلهم دخل مصر ومنهم من مات فيها». وأسهب: «أما نساء مصر فيكفي المصريات فخراً وعزاً وشرفاً، أن سيد الأنبياء محمد (صلى الله عليه وسلم) كانت جدته هاجر مصرية، وأم ولده مارية مصرية، ويكفي المصريات فخراً أن ماء زمزم تفجر إكراماً لامرأة مصرية ولابنها، ويكفي المصريات فخراً أن هاجر المصرية عندما سعت بين الصفا والمروة خلد الله تعالى فعلها، وأمر الأنبياء وسائر الأولياء والحجاج والمعتمرين بأن يسعوا كسعيها. وختم خطبته بالدعاء لمصر والمصريين. لم يكن الحديث لداعية مصري وإنما في خطبة الجمعة الماضية للداعية السعودي الدكتور محمد العريفي ألقاها في جامع البواردي في حي العزيزية في الرياض وصارت في غضون أيام الأكثر تداولاً على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فأبكت المصريين على أحوالهم تارة، وعلى ما تضمنه الحديث من «فضائل مصر» التي لم يعد بعض المصريين يشعرون بها أو يقدرونها أو يسيئون إليها. في المقابل فإن من أكثر المشاهد تداولاً على الشبكة العنكبوتية أيضاً حديث للداعية المصري عبدالله بدر حينما وجه كلامه إلى الممثل المسيحي هاني رمزي، معلقاً على انتقاد الأخير ل «الإخوان المسلمين» والتيار الإسلامي في الحكم، عندما حذره بدر قائلاً باللهجة المصرية: «يا نصراني يا فاشل أبعد عن الخط الأحمر، ملكش دعوة بالجماعة والمسلمين واحترم نفسك لأنك راجل هُزء... ده غبي منه فيه، راجل بيطلع في الأفلام أراجوز والناس تضحك عليه ليل ونهار». وبين العريفي وبدر يبدو الفارق بين من يخطب في الناس عن «فضائل مصر» وآخر يعصف بها.