حادثة منع الزميلة «بدرية البشر» من دخول الكويت بسبب «تحفظات أمنية»، كما أشارت مصادر في الداخلية الكويتية، لا بد أن تفتح الأبواب للأسئلة المشروعة عن ماهية العلاقة بين المثقف العربي من جهة، والسلطات الأمنية في بعض الدول من جهة أخرى، فمن غير المنطقي أن يكون المثقف العربي، أياً كانت جنسيته، خصماً افتراضياً محتملاً للأمن في أي دولة من دون وجود أدلة إدانة ضده، أو أحكام قضائية تنص على ذلك، أو حتى إبلاغه شخصياً بنوعية التحفظات التي بُني قرار المنع عليها لتبيان موقفه حيالها. بالطبع يحق لأي دولة أن تمنع كل من يهدد أمنها من دخول أراضيها، هذا أمر مفروغ منه، لكن السؤال: ما التهديد الذي تشكله كاتبة ومثقفة مثل «بدرية» على أمن دولة مثل الكويت، على رغم عدم إقامتها فيها، وهل يصل هذا التهديد إلى منعها من دخول البلاد، التوضيح مهم هنا، فالتعامل مع الشخصيات الثقافية يُفترض أن يكون مختلفاً عن التعامل مع المشتبه بهم والإرهابيين، والوضع في حادثة بدرية غريب جداً، فالكويت دولة شقيقة، وإحدى دول مجلس التعاون الخليجي، التي وقع وزراء داخليتها في الرياض أخيراً الاتفاق الأمني المشترك، فهل يُعقل أن يتم تكريم الكاتبة في دولة خليجية أخرى كالإمارات العربية المتحدة، وتُمنح فيها جائزة الصحافة العربية، ثم تُمنع من دخول الكويت من دون إبداء الأسباب؟ أعتقد، وفق تصوري الخاص، بأن قرار منع البشر من دخول الكويت، بُني على تقارير أمنية قد تتضمن معلومات غير صحيحة، وهذا أمر وارد في أي مكان في العالم، ولذلك فإن من حق الزميلة التقدم رسمياً للسلطات الكويتية بطلب الاطلاع على تلك التقارير، وتوضيح موقفها مما جاء فيها بشكل نظامي، لتبرئة ساحتها على الأقل، ولتلافي حملات تشويه السمعة التي تُشن عليها من خصومها الذين لا يحترمون الخلاف في الرأي، ويبقى القرار أولاً وأخيراً لوزارة الداخلية الكويتية في إلغاء القرار أو استمراره، المهم في الأمر أن تتضح الصورة للبشر والمهتمين بأطروحاتها ومؤلفاتها التي توزع في جميع دول الخليج من دون ملاحظات أو تحفظات من أي نوع. وبعيداً من الافتراض السابق «التهديد الأمني» هناك تفسير آخر محتمل، ويمكن أن يقلب التصور كاملاً عن الحادثة، فربما كانت التحفظات الأمنية نتيجة اطلاع وزارة الداخلية الكويتية على معلومات عن تهديدات محتملة لسلامة الكاتبة في حال دخولها الكويت، أي قد يكون الإجراء لحماية «البشر» نفسها، خصوصاً في ظل الأوضاع التي تعيشها الكويت حالياً من تجمهر واستقطاب سياسي واجتماعي لافت، وفي هذه الحال التوضيح مطلوب لصاحبة القضية على الأقل، بدلاً من ترك الألسن تلوك سمعتها، وإطلاق العنان لتخرصات وتفسيرات خصومها غير الشرفاء في خصومتهم. ختاماً: يجدر بي ككاتب سعودي أن أناشد بكل الحب وزارة الإعلام في الكويت والجهات المعنية بالثقافة والأدب أن تتبنى موضوع الزميلة بدرية البشر، فهي كانت ولا تزال شعلة تنوير في الصحافة الخليجية وتستحق ذلك.