سؤال مطروح على هيئة كبار العلماء في "السعودية" منطوقه: "هل ندون أحكام القضاء للعودة إليها والاستنارة بها، أم نترك لكل قاض حرية استنباط الأحكام حسب اجتهاده؟ والسؤال عمره 80 عاماً كاملة قد طرح عام 28 من القرن الماضي ولم تحسم الإجابة عنه حتى الآن .. والمرجح أن يتم تأجيل حسم الموضوع إلى سنوات مقبلة .. والحسم لا يعني القبول .. فقد يعني الرفض أيضاً. والعلماء والفقهاء منقسمون بين مؤيد ومعارض .. وباختصار شديد يرى المؤيدون أن من المهم لتحقيق العدالة إدراك الناس عامة بالعقوبات ليكونوا على معرفة بالعقاب قبل أن يرتبكوا الأخطاء .. ويرون أيضاً أن الأحكام السابقة اجتهد أصحابها رأيهم، وقد كانوا أكثر رسوخاً في العلم وأكثر تفرغاً للبحث والدراسة والاستنباط .. ويرون أيضاً أن التدوين يقضي على الاجتهادات المتنوعة مما يؤدي إلى الفوضى والاختلاف. ويرى المعارضون أن التدوين أو التقنين يصادر على حرية القاضي فيما يراه مختلفاً مع المدون .. وأن التدوين سابقة في القضاء لم تحدث من قبل، وفيه أنه يعطل الثروة الفقهية أي أنه كلما زادت الأحكام زادت الثروة الفقهية. ولست من أهل الاختصاص .. ولكني أجتهد رأيي، وأرى أن التدوين أو التقنين بالإضافة إلى رأي المؤيدين .. أرى أن التدوين معمول به في أكثر دول العالم .. ومن بينها الدول العربية والإسلامية المستمدة قوانينها وأنظمتها من الشريعة الإسلامية، فإن التقنين هو السائد، والمعمول به لكي يسترشد به القاضي، ويقف على الأحكام السابقة في بعض القضايا المعروضة أمامه، اختصاراً للوقت والجهد. هذا موجز لقضية أخذت وقتاً أطول من أي قضية أخرى .. وأنا أقف في صف المؤيدين، فموقفهم أكثر وضوحاً، وأكثر إقناعاً .. والله يوفق الجميع لما فيه خير المجتمع .. (وفوق كل ذي علم عليم).