فوجئ بعض الزوجات السعوديات، وهن يعبرن خط موظف الجوازات بعد تسجيل دخولهن، برسالة تدق بجرسها هاتف زوجها الخليوي، والذي دخل بصحبتها تقول له: "لقد دخلت فلانة بنت فلان -اللي هي زوجتك- السعودية هذه اللحظة"، كما وصلت رسالة أخرى إلى الزوج، الذي عبر بزوجته مسافراً تقول إن "فلانة بنت فلان، اللي هي زوجتك، قد عبرت منفذ الجوازات الآن خارجة من السعودية"، وكأنها تقول "هاه ترى علمانك مو تقول مادريت". وهذا كله بفضل إدارة جوازاتنا التي لا تألو جهداً في توفير الراحة لزبائنها. تأتي هذه الخدمات من إدارة الجوازات تماشياً مع خدمات الأجهزة الذكية، فمن الصعب أن يتجه اليوم العالم نحو خدمات ذكية في ما تبقى هي متخلفة، وربما يكون نوعاً من المنافسة بعد أن أطلق مجلس الشورى منذ أيام قراره الذكي بوضع فاصل بين أعضاء مجلس الشورى والعضوات الجدد اللاتي سيلتحقن بأول عضوية لهن فيه بعد شهرين، من أجل توفير الخصوصية للعضوات، وأستطيع أن أتخيل لو أن هؤلاء المخططين العباقرة كانوا موجودين في الثمانينيات، حين كنا نعيش مرحلة أن صوت المرأة عورة، لقرروا ترجمة ذكية تترجم مشاركة عضوة مجلس الشورى إلى حروف مكتوبة، كما في ترجمة الأفلام الأجنبية على الشاشة، يقرأها الزملاء الأعضاء كي يوفروا خصوصية لصوت عضوة مجلس الشورى. وحتى لا نظلم الجوازات فإن هذه الخدمة "نحن نتعقب زوجتك ارقد وآمن"، لم يقصد منها تعقب الزوجة تحديداً بل تعقب القاصرين دون سن 21 كي تخبر ولي أمرهم بمغادرتهم البلاد أو دخولهم، فجاءت الزوجة في معيتهم، لأنها طبعاً تقع في فئة القصر الذين لا يبلغون الرشد مهما كبروا، وهذه الخدمة تشبه خدمة جار غثيث يقف عند باب بيتهم طوال النهار، وحين يراك قادماً يخبرك عن بيت أهلك من خرج منهم ومن دخل، فماذا بظنك يستحق هذا الجار؟ هل يستحق أن تشكره لأنه يتلصص على أهلك أم ستقول له خليك في حالك؟ فكرة تعقب الناس وتوصيل أخبارهم لك أينما كنت لا يجيدها إلا المتطفلون والفضوليون ومخترقو الحدود الخاصة، فماذا لو قام بها جهاز حكومي، بل وربما طالبك بأجر عليها؟ الخوف أن تقوم الشركات التجارية كعادتها بسرقة هذا النوع من الأفكار وتطويره، فتقوم الاتصالات بطرح شريحة هاتفية في السوق تقوم أوتوماتيكياً بتتبع حركة هاتف الزوجة، وإرسال رسائل للزوج تخبره كم متراً ابتعدت الزوجة عن البيت. الذي فات على إدارة الجوازات أن التلصص على الزوجات ليس من المتع المفضلة للأزواج، ولو أن هذه الخدمة قدمت للزوجات لا للأزواج لحظيت إدارة الجوازات بشعبية ومديح منقطع النظير، وهكذا خسرت الجوازات شعبيتها، لأنها باعت الخدمة الغلط للزبون الغلط.