ما زال الرئيس السوري بشار الأسد يصر أنه لا مشكلة بينه وبين الشعب السوري، وأن المشكلة الحقيقية هي بينه وبين الأممالمتحدة، وبقية دول العالم الأخرى!! وقال الأسد في حديث خاص إلى القسم الإنجليزي في قناة (روسيا اليوم): "إنه ليس هناك ما يأسف عليه حتى اللحظة"، مشددًا في رده على سؤال حول ما هي الأشياء التي كان ليفعلها بشكل مختلف "لو كان اليوم 15 آذار/ مارس 2011، عندما بدأت الاحتجاجات بالتصاعد والتفاقم"، "كنت سأفعل ما فعلته في 15 آذار/ مارس (2011)". *** وهكذا فلا شك لدى أحد اليوم بأن الرجل يعيش خارج الزمن، وخارج المنطق، وخارج الواقع. والمدهش أنه رغم كل الدمار الذي أصاب سوريا، والموت الذي حصد عشرات الآلاف من السوريين، فإن الرجل يعتقد بأنه الشخص الوحيد القادر على أن يحافظ على سوريا موحدة، لذا فإنه باقٍ في سوريا، سيعيش ويموت فيها، مضيفًا أن "الأمر لا يتعلق بالمنصب، سواء كنت رئيسًا أو غير ذلك هذا ليس همّي. أرى نفسي في هذا البلد، وأن يكون هذا البلد آمنًا ومستقرًا، وأكثر رخاءً". *** أغرب ما في حديث الرئيس السوري، هو تأكيده أن بقاءه في منصبه أو رحيله مسألة لا تتم إلاّ من خلال صناديق الاقتراع. ولا أدري أي اقتراع يمكن أن يتم والبلد تخوض حربًا داخلية تمزق أطرافها؟ بينما الصناديق الوحيدة التي تظهر في الصورة اليوم هي التوابيت التي تحمل جثث الموتى جرّاء قصف الأسد لشعبه بكل ما أوتي من أسلحة كانت مُعدّة للدفاع عن هذا الشعب، واسترجاع الأرض السورية المحتلة. وخوفنا هو أن ينتهي الأمر بأن يحكم الأسد سوريا.. من دون السوريين! *** إن الأسد يعيش -بلا شك- مشاعر إنكار شديدة تجعله بعيدًا عن الواقع الفعلي الذي تعيشه بلاده. فهذه الوسيلة، كما يؤكد الأطباء النفسيّون، هي إحدى الوسائل الدفاعية التي ينتهجها "الأنا" بداخل المرء وتمنعه من الوصول لأقصى طاقاته. كل ما يحتاجه مثل هذا النهج هو إقفال المرء عينيه عن ما يحيط به من أحداث واقعية والسفر بعيدًا داخل الخيال.. يبعده عن واقعه ومواجهة أزماته. وهي متعة يمكن أن يمارسها أي شخص لا يتحمل معه مصير دولة وشعب، لكنها جريمة إذا مارسها من عقد في رقبته مسؤولية قيادة دولة في حجم الدولة السورية. لذا فيجب أن تكون لدى الرئيس الأسد القوة والشجاعة للنظر إلى الأزمة السورية بأبعادها الحقيقية، وليس بمشاعر الإنكار وتجاهل الواقع. إنه بلا شك أمر صعب، لكنه سيحرره من الاستمرار في ارتكاب جريمة أكبر لن يستفيد منها إلاّ أعداء سوريا، والشامتون فيها!! * نافذة صغيرة: (إن "حمام الدم" في سوريا سيستمر إذا ما أصر الغربيون على المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد... إن الشعب السوري إذًا هو الذي يجب أن يقرر رحيل الأسد).. سيرغي لافروف - وزير الخارجية الروسي.