د. عبدالرحمن محمد السلطان - الجزيرة السعودية القرار الأخير لوزارة العمل بتطبيق برنامج نطاقات على المنشآت الصغيرة التي توظف 9 عمال فأقل يظهر بجلاء أن الوزارة لا تهتم بحقيقة ما يتحقق من هذا البرنامج وأن لديها اهتمام كبير بما يتحقق شكلياً حتى وإن لم يكن ذا تأثير حقيقي على مشكلة تدني مشاركة العمالة المواطنة في سوق العمل في المملكة وحل مشكلة البطالة المتنامية. فبحسب برنامج نطاقات فإن المنشآت الصغيرة التي توظف 9 عمال فأقل مطالبة بتوظيف عامل سعودي واحد فقط، حتى لو تم ذلك من خلال مجرد قيام صاحب العمل بتسجيل نفسه في نظام التأمينات الاجتماعية ولا يلزم بالضرورة أن يوظف أي عامل سعودي. بالتالي فكل ما سيتحقق على أرض الواقع من تنفيذ هذا القرار هو قيام كل صاحب منشأة صغيرة يعمل بها 9 عمال فأقل بتسجيل نفسه في التأمينات الاجتماعية ليحقق السعودة المطلوبة وتصبح بالتالي منشأته في النطاق الأخضر الذي يسمح له بالاستقدام ولن يترتب على هذا القرار أي زيادة حقيقية في فرص العمل المتاحة للعمالة السعودية في هذه المنشآت. وهنا قد يتساءل سائل: إذاً ما الذي تسعى وزارة العمل إلى تحقيقه من هذا القرار؟!. الإجابة بكل أسف هي تحقيق مزيد من السعودة الوهمية لتضاف إلى الإنجازات الوهمية السابقة لبرنامج نطاقات، فكون نظام التأمينات الاجتماعية حاليا لا يُلزم المنشآت التي يعمل بها 9 عمال فأقل بتسجيل عمالتها في النظام فإن هذا القرار من قبل وزارة العمل هو بمثابة إلزام لهذه المنشآت بالتسجيل في نظام التأمينات الاجتماعية. وبقيام أصحاب هذه المنشآت بتسجيل أنفسهم يرتفع عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية بنفس عدد أصحاب هذه المنشآت، فإن كان عدد المنشآت الصغيرة المسجلة 400 ألف منشأة مثلاً، فإن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص وفق بيانات التأمينات الاجتماعية سيرتفع أيضا بمقدار 400 ألف عامل، رغم أنه لا يوجد في الواقع أي زيادة حقيقية في عدد السعوديين في القطاع الخاص، وهي مجرد إضافة في عدد السعوديين المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية وليس زيادة في عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص. حينها، وبما أن وزارة العمل تعتبر عدد المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية مقياس لعدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص، فإن الوزارة ستقول إن برنامج نطاقات قد حقق نجاحاً باهراً وأوجد 400 ألف فرصة عمل جديدة للسعوديين في القطاع الخاص، متجاهلة حقيقة أن الأمر لا يعدو تسجيل من لم يكن مسجلاً في نظام التأمينات الاجتماعية. محدودية ما تحقق على أرض الواقع نتيجة تطبيق نطاقات وعدم رغبة وزارة العمل بالاعتراف بنتائجة على برنامج السعودة جعلها ترضى بالقليل والشكلي، وهو أمر خطير جداً في ظل تفاقم مشكلة تدني مساهمة العمالة المواطنة في سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة والتي تتطلب حلول جذرية حقيقية لا انجازات وهمية شكلية، والمشكلة ليس في أن تخطئ وإنما في الإصرار على الخطأ رغم عواقبه الوخيمة.