دهشت كغيري من الرد الذي نشرته شركة أرامكو يوم أمس.. والذي يعترف لأول مرة بأن موظفا فنيا في الشركة كان وراء الرشوة التي كشفت عنها الشركة الأمريكية الراشية «تايكو».. وأن أرامكو قد بادرت إلى فصله في وقته.. وحتى المعلومات الإضافية التي تضمنها البيان المشار إليه عن اكتشافها أيضا لعدد من الأفراد العاملين بها والذين ثبت تعاملهم اللا أخلاقي مع وظيفتهم قد تم فصلهم هم الآخرون عام 2009م.. هذه المعلومات وغيرها تثير هي الأخرى درجة أعلى من الحيرة والتساؤلات وفي مقدمتها سؤال واحد مهم هو : لماذا لم تكشف أرامكو عن هذه العقوبات في وقتها إذا كانت قد تمت فعلا؟. أسأل أنا ويسأل الكثيرون مثل هذا السؤال، وإلا فلماذا جاء الاعتراف الآن بوجود رشاوى واختلالات.. وبعد أن كشفت السلطات الأمريكية عن حقيقة شركتها.. وبعد أن اضطرت الشركة إلى «نشر غسيلها».. وبعد أن فوجئ العالم كله بأن طائلة الفساد قد وصلت إلى شركة محترمة مثل أرامكو.. وحتى هذه الاعترافات التي أعلنتها الشركة متأخرة.. لا يبدو أنها دقيقة.. وإنما تعتبر من باب دفع الشر.. وتجنب سوء الظن بمراكز القرار العليا فيها.. ولإبراء الذمة وتأكيد المصداقية فإن «تنظيف» أرامكو و «تطهيرها» من أدران الرشوة.. يتطلب تولي الجهات المختصة في الدولة متابعة هذه القضية لأنها تتعلق بالبلد.. ومستقبل البلد.. وأمن البلد .. بل وبأمن الطاقة في العالم.. وبالتالي فإن ترك أرامكو وحدها تحقق في هذه الوقائع لا يكفي.. وإن كنت متأكدا بأن القضية لن تمر مرور الكرام.. وأن تعرض شركة بهذا الحجم لمظهر من مظاهر الفساد لا بد وأن ينال ما هو جدير به من اهتمام عال ورفيع .. وحتى الإعلان المتأخر عن فصل الموظف الفني المختص أو غيره بسبب هذه الرشوة وسوء التعامل، كما أسمتها أرامكو.. لا يكفي أبدا.. لأن الفصل وحده.. دون محاكمة.. ودون عقوبة شديدة يعتبر تفريطا بالحق العام.. فضلا عن أنه يرتب مسؤولية ليس على الجناة فحسب وإنما على رؤسائهم أيضا. *** ضمير مستتر: لا يكفي أن تقول للص أنت حرامي.. وإنما يتوجب عليك أن تقول لغيره أيضا هذا هو جزاؤكم الذي تستحقون نتيجة غفلتكم عنه.