كلما دخلت إلى مبنى حكومي لمراجعة ما. في الأقسام النسائية أو غيرها أصاب بالغثيان الشديد وسواء أكان ذلك في مبنى خاص بهم أو مبنى مستأجر فحال تلك المكاتب لا يسر عدوا ولا حبيبا. من أين أبدأ؟ من الألوان الباهتة والسواد الذي تراكم في المكان أو من الأرضيات السوداء التي توحي بأنها مسحت بالديزل!! أو الأثاث المهترئ المنشور في أرجاء المكان بلا أدنى ترتيب يراعى فيه راحة الموظف والمراجع. بعض تلك المكاتب وأنت تخطو خطوتك الأولى فيها يتهيأ لك انك تدخل إلى مكان مهجور منذ سنوات وفجأة تقرر أن يتواجد فيه بعض الناس لخدمة ما تشبه خدمات المشعوذين!! في كل زيارة أقضي الدقائق هناك في المقارنة بينهم وبين مباني البنوك التي تتصف غالبا بالبساطة في التصميم والاهتمام بالجانب العملي الذي يسهل تقديم الخدمة بالإضافة إلى أناقتها وترتيبها في الوقت نفسه. وتساءلت هل تكلفة مبنى البنك تساوي تكلفة استئجار منزل طويل عريض من دورين وبمساحة خارجية واسعة؟ وجاءتني الإجابة من موظف إدارة مالية في بنك وآخر مهندس وثالث صاحب خبرة. لتؤكد أن التكلفة متقاربة إذا استثنينا المتطلبات الأمنية في البنوك. ولهذا أتساءل ماذا يفعل المكتب الحكومي بفيلا دورين وحديقة واسعة؟ المكان أشبه بالفراغ الذي تخيله عادل إمام وهو يقول: سايبين الشقة وقاعدين في أوضه؟! لماذا وألف مثلها أخرج بها كل مرة حال خروجي من أي دائرة حكومية قادتني مؤخرا إلى التفكير في خريجات أقسام التصميم الداخلي اللاتي يقفن على قائمة الانتظار في التوظيف، لماذا لا يكلفن بهذه الأعمال كموظفات في تلك الدوائر أو كموظفات لدى وزارة المالية مثلافهل التأجير وسيلة للتوفير أو وسيلة لحل أزمة بطريقة أكبر من المشكلة او تسري طريقة نفعني وأنفعك؟!! ولماذا يكون موظف الخدمات والتنسيق والمشتريات رجلا لا يفقه سوى في الأسعار ولا يهتم نهائيا بما تهتم به النساء عادة في مثل هذه الأمور. الجودة النوعية تناسق الألوان تناسب المساحات. لماذا وألف مثلها أخرج بها كل مرة حال خروجي من أي دائرة حكومية قادتني مؤخرا إلى التفكير في خريجات أقسام التصميم الداخلي اللاتي يقفن على قائمة الانتظار في التوظيف، لماذا لا يكلفن بهذه الأعمال كموظفات في تلك الدوائر أو كموظفات لدى وزارة المالية مثلا وتكون هذه مهامهم. بدلا من هذا الحال المزري الذي يجعلك تظن أنك تراجع دائرة في أفقر أفقر أفقر دول العالم رغم أن بعض تلك الجهات ترى فيها مكاتب جيدة النوعية ولكن ما فائدة منضدة جميلة في مكان أقل ما يقال عنه بأنه موحش وتزيده ألوان الجدران والأرضيات وحشة. يلفه السواد فالإضاءات باهتة لانه لا يصمم بشكل عملي. للموظف كل الحق في أن يتصرف في المكان بكل راحته كما لو كان في بيته ونحن لا نعرف حال بيته أنظيف أم قذر.. أم.. أم. اللوحة الوحيدة التي تراها في تلك المكاتب ستراها في الخارج فقط لتتعرف على المكان فقط والباقي كله أوراق (A 4) كتب عليها بخط اليد في معظم الأحيان. وبما أن الجميع يشكو من سوء تعامل الموظفين في الدوائر الحكومية فأنا واثقة أن الأسباب لا يمكن ان تخلو من الأثر الذي تتركه تلك المكاتب في نفوسهم فهي معتمة بشكل غريب ورطبة تعشعش الميكروبات في كل زواياها وأسطحها!! هل الميزانية المخصصة لتلك الأمور قليلة؟ لا. أقولها وأنا واثقة ولكنها تدار بعبث لا يخلو من فساد أيضا. وتدار بإهمال ولامبالاة في أمور تتطلب حسن التدبير والاختيار الأنيق والعملي. تدار بفكرة مقيتة تعتمد على تساؤل يقول ليه؟ وإجابة أكبر مقتا هي: ما يسوى و(مب كفو). خلاصة التفكير في تلك المكاتب تنتهي بأني أتوقع بأن كل مراجع أو معقب يتطلب عمله تكرار المراجعة ستكون له الجنة بإذن الله على ما يرى ويقاسي في تلك الأماكن، أما الموظف فهو يخرج سخطه أولا بأول على الجميع.