نحن في حاجة ماسة إلى الإسراع في تكوين المجمع الفقهي الذي صدر بإنشائه أمر ملكي ليكون ملتقى علميا تناقش فيه القضايا والمسائل الفقهية يتم من خلاله استقطاب العديد من كفاءاتنا الشرعية المؤهلة وإتاحة الفرصة لهم لتقديم أطروحاتهم العلمية ومناقشتها وإبداء الرأي حيالها. وقد صدر قرار من مجلس الوزراء بنظام تكوين المجلس مؤخرا، وهذا المجمع إذا بدأ بمباشرة أعماله وتشجيع الدارسين لعلوم الشريعة المؤهلين تأهيلا عاليا سواء من السعوديين أو سواهم بتقديم دراسات موثقة علميا عن المشاكل التي يواجهها المسلم المعاصر في هذا الزمن المختلف جدا عما سبقه من العصور، الحضارة الحديثة والتطور العلمي والتقني الرائع والمدهش والذي هو فوق تصور من عاشوا في عصور سابقة قد أوجد وسائل حياتية تشبه الخرافة بالنسبة لأجدادنا، وقد تحول العالم إلى قرية كونية ضخمة تتصف بالتعقيد، هذه الحياة الحديثة بكل تعقيداتها وما تفرضه عليها التقنية ومبتكراتها في وسائل الاتصال والإنتاج وأنظمة الصناعة المرتبطة بالآلات الدقيقة السريعة.. هذه الحياة أوجدت مستجدات كثيرة في نمط الحياة يسميها بعض الفقهاء (بالنوازل) وما هي نوازل بل هي من الخير الذي فتحه الله للبشرية، هذه المستجدات تستوجب استنباط الحلول الشرعية الواعية بنمط أو أنماط الحياة المعاصرة، فلا يقف المسلم تجاهها حائرا أو متجاهلا، الأمثلة على ذلك كثيرة لا تحصى ولها في الشرع حلول وفتوى إذا توفرت العقول الحديثة المنفتحة التي تستخرج وتستنبط الحلول المتوافقة مع ظروف العصر، ولهذا فإن وجود مجمع فقهي منفتح على كل المذاهب الإسلامية الثمانية المعترف بها يجدد للمسلم المعاصر أحكام الفقه بمنهج علمي سليم هو ضرورة قصوى يتجاوب وضرورات الحياة المعاصرة، كما أنه يطور ويرفد علمنا الفقهي بذخيرة جديدة.