تمثل ظاهرة الاتجار بالبشر أحد مهددات الأمن الدولي، بموازاة كونها تحديا اجتماعيا وسياسيا مديدا للدول والأقاليم المختلفة. وتعبر هذه الظاهرة، قبل ذلك، عن امتهان فاضح لكرامة الإنسان، واستهتار بالآداب والقيم الإنسانية والدينية. وتجسد تجارة البشر الشكل الجديد للرق. وهي تتجاوز في مضمونها المفهوم التقليدي للعبودية. بل إن ذلك المفهوم لا يرتقي، بحال من الأحوال، إلى أدنى مراتب الصور الراهنة للرق البشري، فهذا الأخير قد نزع عن الإنسان كامل إنسانيته، وقفز على حيائه وكرامته، وصيره آلة للمال والثروة، والغرائز والشهوات المنفلتة. ويستخدم تعبير الاتجار بالبشر، في الوقت الراهن، للإشارة إلى طيف واسع من الممارسات غير المشروعة، ومنها: عمل الأطفال المنظم من قبل أفراد أو هيئات ربحية، وعمل الأشخاص في صورة سخرة أو مقابل أجر بخس، وبيع الأطفال، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، وتجارة الجنس، والاسترقاق الجنسي، وتهريب الأفراد (أو المهاجرين) بين الدول المختلفة هذا الرق الجديد يُمثل اليوم أقسى أنواع الامتهان للكرامة الإنسانية، وهو جريمة لابد من التصدي الحازم لها، وتسخير كامل الإمكانات المادية والأدبية لمواجهتها، ومعالجة الأسباب الكامنة خلفها. ويستخدم تعبير الاتجار بالبشر، في الوقت الراهن، للإشارة إلى طيف واسع من الممارسات غير المشروعة، ومنها: عمل الأطفال المنظم من قبل أفراد أو هيئات ربحية، وعمل الأشخاص في صورة سخرة أو مقابل أجر بخس، وبيع الأطفال، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، وتجارة الجنس، والاسترقاق الجنسي، وتهريب الأفراد (أو المهاجرين) بين الدول المختلفة. وفضلاً عن طابعها المنافي للدين والقيم الإنسانية، فإن تجارة البشر تنتهك العديد من المواثيق الدولية، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لعام 1990، اتفاقية لاهاي بشأن حماية الأطفال والتعاون في مجال التبني على المستوى الدولي لعام 1993، اتفاقية منظمة العمل الدولية (الاتفاقية رقم 182) بشأن حظر واتخاذ الإجراءات الفورية للقضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال لعام 1999، الملحق الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال ودعارة الأطفال والتصوير الخليع لهم لعام 2000، ميثاق الأممالمتحدة ضد الجريمة الدولية المنظمة، والبروتوكول المكمل له، لمنع وقمع ومعاقبة المتاجرين بالبشر، خاصة النساء والأطفال، الذي سرى مفعوله في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2003. وعلى الرغم من أن الكثير من الدول قد وضعت، خلال السنوات الخمس الماضية بوجه خاص، تشريعات محلية مناهضة للاتجار بالبشر، إلا أن التطبيق الكامل لهذه التشريعات لم يصل إلى مداه بعد. واستناداً إلى أبحاث أنجزت قبل بضعة أعوام، تتم المتاجرة بحوالي 800 ألف رجل وامرأة وطفل عبر الحدود الدولية سنوياً. ولا يشمل هذا الرقم ملايين الضحايا الذين تتم المتاجرة بهم داخل بلدانهم. في أحد أبعاد جريمة الاتجار بالبشر، تشير تقديرات "اليونيسيف" إلى أن عدد الأطفال الذين تعرضوا لممارسات الدعارة في إطار النشاط الجنسي التجاري يصل إلى مليوني طفل حول العالم. وتفيد اليونيسيف، بأنه لا يتوفر لعدد كبير من الأطفال في بعض دول العالم الثالث شهادات ميلاد، أو أي نوع آخر من الأوراق الثبوتية، ولذا يبدو من السهل التلاعب بهويتهم، وتهريبهم عبر الحدود باعتبارهم بالغين. وفي السياق ذاته، ارتفعت حالات الاتجار بالنساء إلى مستويات قياسية، خلال السنوات الخمس الماضية. وتشكل دول شرق آسيا مصدراً رئيسياً لهذه التجارة، حيث يتم نقل النساء إلى أكثر من 20 دولة متفاوتة البعد، قد تصل حتى جنوب أفريقيا. وقد تبنت 23 من أصل 27 دولة من دول شرق آسيا والمحيط الهادي قوانين خاصة بالاتجار في البشر. بيد أن مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة يرى أن الجهود المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة في الإقليم لا تزال غير كافية، وبعيدة عن تحقيق أهدافها. وقد تم تسجيل ارتفاع كبير في عدد قضايا الاتجار بالبشر، التي تنظر فيها المحاكم في كل من كمبوديا وإندونيسيا ومنغوليا وتيمور - ليشتي وتايلاند وفيتنام. وإضافة إلى دول شرق آسيا، لا زالت دول أوروبا الشرقية تمثل مصدراً كبيراً للاتجار بالنساء. بيد أن قوانين وآليات مكافحة هذه التجارة قد شهدت تطوّراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مع قليل من الاستثناءات. وقد عرّفت الأممالمتحدة تهريب المهاجرين (أو الهجرة غير المشروعة) بأنه تدبير الدخول غير المشروع لأحد الأشخاص إلى دولة، ليس ذلك الشخص من مواطنيها، أو من المقيمين الدائمين فيها. وذلك من أجل الحصول، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على منفعة مالية، أو منفعة مادية أخرى. وفي الشرق الأوسط، تمثل الحدود التركية - اليونانية منفذاً رئيسياً لتهريب المهاجرين. ووفقاً للتقارير الأخيرة، فقد ارتفع عدد المتسللين بطرق غير شرعية عبر الحدود التركية - اليونانية إلى 55 ألف مهاجر على مدي الأعوام الثلاثة الماضية. وفي آب/ أغسطس من العام 2011، أعلنت اليونان عزمها بناء سياج بالأسلاك الشائكة، بمحاذاة عشرة كيلومترات من حدودها البرية مع تركيا، بهدف الحيلولة دون عمليات الهجرة غير الشرعية. وتقرر أن يتم بناء السياج قرب المعبر الحدودي عند كستانيس. وهو المعبر الأكثر ازدحاماً بين البلدين. وتمتد الحدود البرية بين اليونان وتركيا مسافة 150 كيلومتراً، وقد أصبحت من بين المعابر الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي. في جنوب شرق آسيا، تعتبر بورما محطة رئيسية للهجرة غير الشرعية وتجارة البشر بأنواعها المختلفة. ووفقاً لبيانات المشروع المشترك بين وكالات الأممالمتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر، يتم تهريب النساء والأطفال والرجال البورميين إلى كل من تايلاند والصين وماليزيا وكوريا الجنوبية وماكاو، لأغراض الاستغلال الجنسي، والسخرة المنزلية، والعمل القسري. كما تعتبر بورما أيضاً نقطة للمتاجرة بالنساء والأطفال من بنغلادش إلى ماليزيا ومن الصين إلى تايلاند. وحسب بيانات الحكومة البورمية، تشكل الصين الوجهة الرئيسية للاتجار بالبشر انطلاقاً من بورما، تليها تايلاند وماليزيا وسنغافورة. ويتم تهريب النساء والفتيات إلى الصين للزواج القسري والعمل في الجنس، في حين يتم إرسال الأطفال والشباب إلى تايلاند وماليزيا لأغراض العمل القسري والاستغلال الجنسي. وفي إندونيسيا، تشير البيانات الرسمية إلى أن نحو 100 ألف من النساء والأطفال يقعون سنوياً ضحية الاستغلال الجنسي، أو يتم الاتجار بهم لهذه الأغراض. ويجري تسفير معظمهم باتجاه ماليزيا والشرق الأوسط، في حين يُسفَّر البعض الآخر باتجاه العاصمة جاكرتا أو كاليمانتان (بورنيو)، وهي جزيرة غنية بالأخشاب والبن والمطاط، يملؤها عدد كبير من الرجال العازبين. وبالرغم من أن الحكومة الإندونيسية وضعت تشريعاً مناهضاً للاتجار بالبشر عام 2007، إلا أن التطبيق الكامل له يتطلب وقتاً طويلاً، كما تقول التصريحات الرسمية. وفي أفريقيا، تمثل أوغندا إحدى أبرز ضحايا الاتجار بالبشر على صعيد القارة. وتشير التقارير الرسمية إلى ظهور ضحايا الاتجار بالبشر الأوغنديين في كل من المملكة المتحدة والدنمرك وجنوب السودان وكينيا والصين وتايلاند وماليزيا. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر الأنتربول الدولي حالات اتجار بنساء أوغنديات في كل من الهند ومصر وأفغانستان وإندونيسيا والشرق الأوسط. إن تجارة البشر قد اتسع نطاقها لتشمل مناطق وأقاليم كثيرة من هذا الكون، الأمر الذي استدعى تصنيفها كثالث جريمة دولية منظمة، بعد السوق السوداء للأسلحة، وتجارة المخدرات. وقد أوصى "بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو، المكمِّل لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، الذي بدا سريانه عام 2003، بعدد كبير من الإجراءات الواجب على الدول اعتمادها للقضاء على تجارة البشر، ومعالجة أسبابها المادية والثقافية. ويشير البرتوكول في مادته (15) إلى أنه يتعيّن على كل دولة طرف أن تتخذ تدابير لضمان قيامها بتوفير أو تعزيز برامج إعلامية، لزيادة الوعي العام بأن تجارة البشر هي نشاط إجرامي، كثيراً ما ترتكبه جماعات إجرامية منظمة بهدف الربح. وأنه يسبب مخاطر شديدة للمهاجرين المعنيين. ووفقا للمادة 31 من "اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية"، التي يستند إليها البروتوكول، يتعيّن على الدول الأطراف أن تتعاون في ميدان الإعلام بهدف الحيلولة دون وقوع المهاجرين المحتملين ضحايا للجماعات الإجرامية المنظمة. وتنص المادة (16) من البروتوكول، على أنه يتعيّن على كل دولة طرف أن تتخذ، بما يتسق مع التزاماتها بمقتضى القانون الدولي، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك سن التشريعات عند الاقتضاء، لصون وحماية حقوق الأشخاص الذين كانوا هدفاً لتجارة البشر، حسبما يمنحهم إياها القانون الدولي المطبق، وبخاصة الحق في الحياة، والحق في عدم الخضوع لأشكال المعاملة القاسية أو المهينة. وما يُمكن قوله خلاصة، هو أن جهداً دولياً منسقاً ومتعاضداً لابد من اعتماده لمواجهة خطر تجارة البشر، وتداعياتها المدمرة على كافة الأصعدة. وعلى الدول المختلفة معالجة أسباب الظاهرة، وجذورها المتعددة، ووضع جداول زمنية واضحة للتغلب عليها.