إلى أي مدى يؤثر نمط الحياة الأمريكية على سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي؟ هذا ما يحاول أيان َرتليدج الإجابة عليه في كتابه (العطش إلى النفط: ماذا تفعل أميركا بالعالم لضمان أمنها النفطي؟) ترجمة مازن الجندلي لكتاب (Addicted to Oil) من منشورات الدار العربية للعلوم. إذ يتقصي المؤلف مدى ارتباط الاقتصاد الأمريكي المتأثر باستهلاك النفط بسياسة الولاياتالمتحدة واقتصادها ومجتمعها. وكيف أن اعتماد الولاياتالمتحدة المتفاقم على الميكنة الكاملة لكثير من الأعمال فيها، قد أدى إلى نشوء أسلوب حياة مرتفع الاستهلاك للنفط أثر على سياستها الخارجية في العقد الحالي، وهو ما انعكس على معظم القرارات التي اتخذها السياسيون والقادة الاقتصاديون الأمريكيون خلال القرن العشرين. ويتناول كتاب أيان رَتليدج (العطش إلى النفط) البحث بعمق عن مدى تأثر المجتمع الأمريكي من الداخل باستهلاك النفط .. وبالتالي أهمية منطقة انتاج النفط في الخليج في صنع السياسة الخارجية الأمريكية في الماضي والحاضر. فبالرغم من كل التصريحات والتأكيدات التي تصدر عن بعض صانعي السياسة الخارجية في واشنطن أو في بعض دول الغرب الحليفة لها في استبعاد النفط من كثير من التحركات الأمريكيةوالغربية في المنطقة فإن رائحة النفط تفوح من ثنايا معظم السياسات الغربية في المنطقة العربية، والخليجية على وجه الخصوص. وكان غزو العراق على وجه الخصوص هو أبرز الأدلة والبراهين على أن النفط كان هو الأساس الذي دفع إدارة الرئيس جورج دبليو بوش للتحرك ضد العراق. فهو قرار صنعه بوش وزمرته من المحافظين، ولم يكن صدام حسين وأسلحته التدميرية الشاملة إلا غطاء لم يلبث وأن ثبت زيفه. ورغم استخفاف رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير، حليف بوش الرئيسي في مخطط غزو العراق، بالربط بين الحرب على العراق وسخريته من وصف السعي وراء النفط بأنها "نظرية مؤامرة"، فإنه مازال الملايين حول العالم يعتقدون أن النفط كان – بالفعل – العامل الأهم في تفسير غزو واحتلال الولاياتالمتحدة للعراق. إنه إدمان كامل (Addiction) على النفط، كما كان ينبغي أن يكون عليه اسم الكتاب، أصبحت الولاياتالمتحدة لا تستطيع الانفكاك منه، وأثّر على قراراتها وخياراتها في المنطقة التي يوجد فيها هذا المصدر الهام للحياة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة. وكتاب العطش إلى النفط هو إحدى المحاولات لإثبات أن غزو العراق كان بالفعل لأجل النفط. وإذا لم تكن نية البتة "لسرقة نفط العراق"، كما يقول الكاتب، فالسيطرة والهيمنة يمكن تحقيقها دون استيلاء مواطني الولاياتالمتحدة مباشرة على نفط العراق. * نافذة صغيرة: [كان أهم نمط من أنماط السلوك يظهر من دراسة السياسة الخارجية الأمريكية في الثمانين سنة الماضية وأكثرها تكراراً هو الاهتمام الأساسي والدائم بالشؤون الجيوسياسية النفطية وتورطها فيها.] أيان رَتليدج