كنت يوماً خارج البلاد وقابلت أحد السعوديين الذي سكن معنا في نفس الفندق، وبعد أن توطدت العلاقة قال لي: ما رأيك أن نسافر إلى قرى المسلمين في هذا البلد؟ ظننت أنه سيذهب لتفقد أحوالهم وتوزيع بعض الصدقات أو بناء مسجد أو لتعليمهم العلم الشرعي خصوصاً أن المسلمين في الخارج ينظرون إلى السعودي باحترام وتقدير على أنه حفيد الصحابة والقادم من مكةالمكرمة والمدينة المنورة، فسألته : لماذا أنت مهتم بالسفر إليها رغم أن هذه القرى فقيرة وليس بها أي أماكن سياحية تستحق الزيارة؟! فأجاب: بل فيها ما هو أجمل من الأماكن السياحية، هناك الزواج! قلت : وكيف ستأخذ المرأة التي ستتزوجها معك للمملكة وليس عندك إذن رسمي؟! أي صورة نقدمها للعالم عنا وعن بلد الحرمين الشريفين وعن ديننا ونحن نبين للعالم أن شهواتنا هي من تقودنا، نسافر ونقطع آلاف الأميال من أجل ماذا ؟ من أجل تحقيق شهوة !! وأي دعوة نقدمها لهؤلاء المسلمين ونحن نأتي إليهم لاستغلال حاجتهم وفقرهم قال : ومن قال: إني سآخذها حتى للعاصمة؟! الزواج ليوم وإن أعجبتك ليومين، ثم تطلقها وتعود!! تطلقها وتعود!! أي صورة نقدمها للعالم عنا وعن بلد الحرمين الشريفين وعن ديننا ونحن نبين للعالم أن شهواتنا هي من تقودنا، نسافر ونقطع آلاف الأميال من أجل ماذا ؟ من أجل تحقيق شهوة!! وأي دعوة نقدمها لهؤلاء المسلمين ونحن نأتي إليهم لاستغلال حاجتهم وفقرهم الذي اضطرهم لبيع بناتهم بهذه الصورة بعد أن أتاهم أجدادنا وأدخلوهم في هذا الدين بأخلاقهم؟ المشكلة أن هذا وغيره يظهر لك فتاوى ويحاجّك بأقوال يفسرها حسب هواه، رغم أن الدليل واضح أمامه لو فكر بتجرد وعقل لم تعمه الشهوة، فالإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس، وكلهم يكرهون أن يخبروا غيرهم أنهم يسافرون من أجل هذا الأمر! والمشكلة الأخرى أن في هذا الزواج مصائب كثيرة وطوام، فهناك من تتزوج أكثر من رجل في وقت واحد وتقسم بينهم المبيت وهم ما عليهم إلا الانتظار حتى تدخل عليهم، وهناك من يطلقها هذا اليوم ليتزوجها الآخر غداً، وهكذا، فسوق الصيف مزدهر بالخليجيين والسعوديين خصوصاً. وهناك من يتحرّز مشكوراً مأجوراً فيطلب أن يعقد له والدها بشهود عدول، وبالفعل يأتي الوالد والإخوان والعائلة ولو أراد شيخ القبيلة ويعقدون له، ثم يتبين أن كل هؤلاء الأقارب ليسوا إلا ممثلين محترفين! لا أملك حلاً إلا وعينا، وأردت أن أقول تيسير أمور الزواج في بلادنا فتذكرت أن كثيراً ممن يسافر من المتزوجين!! إذن الحل هو وعينا وخجلنا وخوفنا من الله أن نخرج هؤلاء المسلمين من دينهم!