ينبغي علينا الاستفادة من آراء المعتمرين فيما يتعلق بتطوير خدمات العمرة، وعلى شركات العمرة عند رفع الأسعار وضع المبررات الفعلية وعدم رمي الكرة في مرمى الحكومة السعودية في ظل التوقعات بأن يصل عدد المعتمرين هذا العام إلى أكثر من خمسة ملايين معتمر بزيادة حوالي 30% عن العام الماضي؛ وبناء على إعلان وزارة الحج أنه تم إصدار 4.6 ملايين تأشيرة بزيادة 1,1 مليون تأشيرة عن الأعوام الماضية ويضاف إليهم حوالي أربعة ملايين معتمر محلي من داخل المملكة ومن مواطني دول الخليج الذين لا توجد إحصائيات دقيقة عن عددهم لعدم تسجيل المعتمرين من الداخل، ورغم التخوفات التي كانت تواجه العاملين في مجال العمرة في مختلف الخدمات من انخفاض أعداد المعتمرين نتيجة لبعض الأوضاع السياسية والاقتصادية في بعض الدول العربية والإسلامية إلا أن الواقع أكد أنه لا علاقة للظروف السياسية في التأثير على المسلمين الراغبين في أداء العمرة والحج. ومن وجهة نظري الشخصية أن نسب المعتمرين والحجاج تزداد في الأزمات السياسية والاقتصادية، لأن المسلمين لا ملجأ لهم في أزماتهم إلا التقرب إلى الله بالعبادات والفرائض، ورغم الجهود الجبارة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية بصفة عامة ومنطقة مكةالمكرمة بصفة خاصة في تأمين الاحتياجات الأساسية للمعتمرين والحجاج من خلال المشاريع الخدمية المتميزة والتوسعات العظيمة لساحات الحرم المكي إلا أن هناك تطلعات وآمالا كبيرة من المسلمين في جميع أنحاء العالم وعلى وجه الخصوص المسلمين من ذوي الدخل المحدود الذين بدأت تظهر أصواتهم مطالبة الحكومة السعودية بالتدخل لقمع الارتفاع المتزايد لأسعار حملات العمرة من خارج المملكة.. الذي ترجعه شركات العمرة إلى ارتفاع أسعار الإسكان في المنطقة المركزية حول الحرم، التي انخفض فيها عدد الفنادق ذات النجوم الفردية والثنائية والثلاثية والرباعية إلى حدودها الدنيا وارتفع عدد الغرف الفندقية في الفنادق ذات الخمس نجوم بزيادة عددها حول الحرم، وهو في الواقع الأمر الذي قد يكون السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار حملات العمرة من خارج المملكة. خلال رحلتي الأخيرة لبعض الدول الأوروبية ولقاءاتي ببعض من يعملون في هذا المجال علمت من بعض ممثلي الجاليات المسلمة في فرنسا وبريطانيا وسويسرا وبعض الدول الأوروبية أن نسبة الزيادة في تكلفة العمرة هذا العام قد تصل إلى حوالي 25% عن العام الماضي، وهي في مجملها تمثل الزيادة في تكلفة الإسكان في مكةالمكرمة الذي يخدمه أكثر من 550 فندقا في مكةالمكرمة. ويرى بعض المسلمين وأضم صوتي إليهم أن السكنى حول الحرم ينبغي ألا تخصص لأغنياء المسلمين فقط، وإن لم يكن هناك تخصيص رسمي إلا أن إنشاء فنادق الخمس نجوم حول الحرم يعتبر نوعاً من التخصيص الضمني، وهي في وجهة نظرهم وأشاركهم في ذلك توزيع غير عادل، حتى وإن كان هذا لا ينسجم مع اقتصاديات رجال الأعمال أصحاب فنادق الخمس نجوم، وعليهم أن يدركوا وجهة نظر صغار وفقراء المسلمين الراغبين في أداء فريضة الحج والعمرة. إن تحقيق الأرباح والعوائد السريعة للمشاريع الفندقية ذات الخمس نجوم ينبغي ألا يكون على حساب ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، ومن وجهة نظري أنه من الأجدى أن تبتعد فنادق الخمس نجوم عن ساحات الحرم، ومن يرغب في خدماتها فعليه أن يذهب إليها للحصول على الخدمة المرفهة وليس لرؤية الكعبة أو الصلاة من غرفته أو جناحه. لقد كان الحجاج والمعتمرون يستفيدون من الإقامة في منازل أهل مكةالمكرمة بإيجارات عادلة وكان في الماضي أهل مكةالمكرمة يقدمون الخدمة للأجر أولاً وللأجرة ثانياً. علماً بأن نقدي هذا لن يوقف المشاريع الفندقية ذات الخمس نجوم حول الحرم إلا أنني أتمنى على المسؤولين إيقاف بناء فنادق الخمس نجوم بمكةالمكرمة حول الحرم مستقبلاً للمشاريع المستقبلية ويكتفى بما تم بناؤه أو التصريح له سابقاً، على أن تحول جميع المشاريع الإسكانية القادمة إلى غرف فندقية بعيدة عن البذخ تخصص للإقامة اللائقة فقط، وتحول المشاريع الفندقية الفاخرة إلى أطراف مكةالمكرمة في مواقع تصلها وسائل النقل السريع والقطارات الكهربائية. أما اقتراحي لمعالجة ارتفاع أسعار الإسكان للمعتمرين القادمين من خارج المملكة، وعلى وجه الخصوص محدودي الدخل، كبديل للمساكن التي أزيلت للتوسعة هو تأجير المساكن المخصصة للحجاج في منى على سفوح الجبال والمملوكة لمؤسسة التقاعد، التي تستخدم بالإيجار لمدة أيام بمنى في موسم الحج وتقفل أبوابها طوال العام، وهو هدر للمال العام والخاص لمؤسسة التقاعد، والتي بالإمكان إعادة تأجيرها وتشغيلها لشركات العمرة كسكن للمعتمرين ذوي الدخل المحدود على أن يتم تشغيل قطار المشاعر من منى إلى الحرم فقط طوال أشهر العمرة. وأجزم بأن هذا الحل المنافس لفنادق الخمس نجوم حول الحرم سوف يسهم في خفض التكاليف ويغطي العجز في الغرف الفندقية بمكةالمكرمة. إن اقتصاديات الحج والعمرة قد تكون في يوم من الأيام ثاني أكبر دخل لاقتصاد المملكة لو أُحسن التخطيط لها، علماً بأنه يُتوقع أن يكون الدخل من العمرة والحج هذا العام أكثر من 12 بليون ريال، وتقوم على خدمة المعتمرين حوالي 45 شركة لخدمة 5 ملايين معتمر من خارج المملكة، وهو عدد جداً ضئيل وينبغي إعادة النظر فيه وفتح الباب لمزيد من شركات العمرة لاستيعاب الزيادة في العدد سنوياً. إن تطوير خدمات العمرة ينبغي ألا يكون من جانب واحد، وعلينا الاستفادة من آراء المعتمرين وينبغي على شركات العمرة عند رفع الأسعار وضع المبررات الفعلية وعدم رمي الكرة في مرمى الحكومة السعودية. إن وجهة نظر المسلمين المعتمرين من الداخل والخارج يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند وضع أي تنظيم يتعلق بالخدمة الموجهة لهم.